للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن [يكون] (١) في ذلك [شيء] (٢) لا يحضرني الساعة وما أظنه (٣).

ولفظ الإيمان يستعمل في الخبر أيضًا كما يقال: {كُلُّ آمَنَ بِاللهِ} أي: أقر له، والرسول يؤمن له من جهة أنَّه مخبر، ويؤمن به من جهة أن رسالته مما أخبر بها، كما يؤمن بالله وملائكته وكتبه.

فالإيمان متضمن للإقرار للرسول والإقرار (٤) بما أخبر به، والكفر تارة يكون بالنظر إلى عدم تصديق الرسول والإيمان به، وهو من هذا الباب يشترك فيه كل ما أخبر به، وتارة بالنظر إلى عدم الإقرار بما أخبر به، والأصل في ذلك هو الإخبار بالله وبأسمائه، ولهذا كان جحد ما يتعلق بهذا الباب أعظم من جحد غيره، وإن كان الرسول أخبر [بكليهما] (٥)، ثم مجرد تصديقه في الخبر والعلم بثبوت ما أخبر به، إذا لم يكن معه طاعة لأمره، لا باطنًا، ولا ظاهرًا، ولا محبة لله، ولا تعظيم له، لم يكن ذلك إيمانًا.

وكفر إبليس وفرعون واليهود ونحوهم، لم يكن أصله من جهة عدم التصديق والعلم، فإن إبليس لم يخبره أحد بخبر، بل أمره الله بالسجود لآدم فأبى واستكبر وكان من الكافرين، فكفره بالإباء والاستكبار وما يتبع ذلك، لا لأجل تكذيب.


(١) في نسخة الأصل: تكون، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب إلى الصواب.
(٢) في نسخة الأصل: "شيئًا"، والتصحيح من (م) و (ط).
(٣) هذا الكلام يدل على أمرين اثنين: (الأول): سعة علم المؤلف رحمه الله تعالى، وتبحره في جميع العلوم سواء علوم غاية كالعلوم الشرعية بفروعها المتشعبة، أو علوم وسائل كعلوم اللغة بفنونها المختلفة، وليس هذا غريبًا على شيخ الإسلام ابن تيمية الَّذي كان يتحدى المخالفين ويفحمهم، بل يتعمق في مذاهبهم ويفهم، أدلتهم أكثر من كثيرين منهم.
(الثاني): تواضعه رحمة الله عليه، فهو يستثني بعد أن نفى وجود مثل هذه الألفاظ (صدقوا بالله. . .)، وتلك هي سيما العلماء الربانيين: التواضع، ومقت العجب، والحذر من الغرور، ومع ذلك فثقة شيخ الإسلام بعلمه وأنه على الحق تبقى ظاهرة، ويتضح هذا من قوله: "وما أظنه".
(٤) عبارة (للرسول والإقرار) ليست في (م) و (ط).
(٥) في نسخة الأصل: كلاهما، والتصحيح من (م) و (ط).

<<  <   >  >>