للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لوجود المراد المقدور، [موجبة] (١) لحصول المقدور، لم يكن مصيبًا، بل لا بد من الإرادة، وبهذا [يتبين] (٢) خطأ من قال: إن مجرد علم الله - عَزَّ وَجَلَّ- قد بالمخلوقات موجب لوجودها، كما يقول ذلك من يقوله من أهل الفلسلفة، كما يغلط الناس من يقول: إن مجرد إرادة الممكنات بدون القدرة موجب وجودها، وكما خطأوا من قال: إن مجرد القدرة كافية، بل لا بد من العلم والقدرة والإرادة في وجود المقدور والمراد، والإرادة مستلزمة لتصور المراد والعلم به، والعلم والإرادة (٣) والقدرة ونحو ذلك، وإن كان قد يقال: إنها متلازمة في الحي، أو أن الحياة مستلزمة لهذه الصفات، أو أن بعض الصفات مشروط بالبعض، فلا ريب أنَّه ليس كل معلوم مرادًا محبوبًا ولا مقدورًا، ولا كل مقدور مرادًا محبوبًا، وإذا كان كذلك لم يلزم من كون الشيء معلومًا مصدقًا به، أن يكون محبوبًا معبودًا، بل لا بد من العلم وأمر آخر به يكون هذا محبًا وهذا محبوبًا.

فقول من جعل مجرد العلم والتصديق في العبد هو الإيمان، وأنه موجب لأعمال القلب، فإذا انتفت دل على انتفاء العلم، بمنزلة من يقول: مجرد علم الله بنظام العالم موجب لوجوده، بدون وجود إرادة منه، وهو [شبيه] (٤) بقول المتفلسفة: إن سعادة النفس في [مجرد] (٥) أن تعلم الحقائق، ولم يقرنوا ذلك بحب الله تعالى وعبادته التي لا تتم السعادة إلا به (٦)، وهو نظير من يقول: كمال الجسم أو النفس في الحس (٧) من غير


(١) في نسخة الأصل و (م): موجب، وأثبتنا ما في (ط) لأنه الأولى بسياق الكلام.
(٢) في نسخة الأصل: يبين، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب.
(٣) في (م) سقطت العبارة التالية: "في وجود المقدور والمراد، والإزادة مستلزمة لتصور المراد والعلم به والعلم والإرادة".
(٤) في نسخة الأصل: "شبه"، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب.
(٥) في نسخة الأصل: "تجرد"، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب.
(٦) في (ط): بها، وكلا الأمرين صحيح، فما أثبتناه في المتن يعود الضمير المذكر فيه إلى حب الله تعالى، وما ورد في (ط) يعود الضمير المؤنث فيه إلى عبادته سبحانه وتعالى، على أن هذه اللفظة "إلَّا بها" قد سقطت من (م).
(٧) في (ط): "الحب".

<<  <   >  >>