كتاب الإيمان الأوسط - ط ابن الجوزي

[لفظ النصارى ليس مرادفا للفظ الإيمان في اللغة] - ص: 422

فاللذة مقرونة بالنظر إليه، ولا أحب إليهم من النظر إليه لما يقترن بذلك من اللذة، لا أن نفس النظر هو اللذة.

وفي الجملة فلا بد في الإيمان الَّذي في القلب من تصديق بالله ورسوله، وحب لله (١) ورسوله، والا فمجرد التصديق مع البغض لله ورسوله، ومعاداة الله ورسوله، ليس إيمانًا باتفاق المسلمين، وليس مجرد التصديق والعلم يستلزم الحب، إلَّا إذا كان القلب سليمًا من المعارض، كالحد والكبر، لأن النفس مفطورة على حب الحق، وهو الَّذي يلائمها، ولا شيء أحب إلى القلوب السليمة من الله، وهذا هو الحنيفية ملة إبراهيم -عليه السلام- الَّذي اتخذه الله خليلًا.

وقد قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)} [الشعراء: ٨٨، ٨٩]، فليس مجرد العلم [موجبًا لحب] (٢) المعلوم، إن لم يكن في النفس قوة أخرى تلائم المعلوم، وهذه القوة موجودة في النفس، وكل من القوتين تقوى بالأخرى، فالعلم يقوى بالعمل، والعمل يقوى بالعلم، فمن عرف الله وقلبه سليم أحبه، وكلما ازداد له معرفة ازداد حبه له، وكلما ازداد حبه له ازداد ذكره له، ومعرفته بأسمائه وصفاته، فإن قوة الحب توجب كثرة ذكر المحبوب، كما أن البغض يوجب الإعراض عن ذكر المبغض، فمن عادى الله ورسله (٣)، وحاد الله ورسوله، كان ذلك مقتضيًا [لإعراضه] (٤) عن ذكر الله ورسوله بالخير، وعن ذكر ما يوجب المحبة [فيضعف] (٥) علمه به حتَّى قد ينساه، كما قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: ١٩]

---

= في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، والترمذي برقم (٢٥٥٢) كتاب صفة الجنة، وابن ماجة برقم (١٨٧) المقدمة: وأحمد برقم (١٨٤٥٦).
(١) في (ط): "الله".
(٢) في نسخة الأصل: "موجب الحب"، والتصحيح من (م) و (ط).
(٣) في (ط): "رسوله".
(٤) في نسخة الأصل: "لأغراضه"، التصحيح من (م) و (ط).
(٥) في نسخة الأصل: "يضعف"، والتصحيح من (م) و (ط).