للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرى، حتى انتهت بمحنته الأخيرة التي أودع فيها السجن، وطويت آخر صفحاته المشرقة بموته رحمه الله.

ويا ليت السهام التي وجهت إلى شيخ الإسلام كانت من صوب أعداء الملة من اليهود والنصارى والمغول، ولكن كانت في غالبها من علماء مسلمين منتسبين إلى أهل السنّة، ضاقوا بآرائه النيرة، وأحكامه الموفقة، وفتاويه التي لم تخرج عن الكتاب والسنّة، فغدوا وعلى أعينهم غشاوة من الحسد والإحن، ولا هم لهم إلا الإيقاع بهذا العالم الرباني، حتى لو كان ذلك عن طريق التشهير المغرض، والافتراء الساقط.

ومن تلك المحن التي تعرض لها شيخ الإسلام رحمه الله:

١ - محنته سنة (٦٩٨ هـ) بسبب كتابه "العقيدة الحموية"، وبلغ الأمر أن طافوا به، ونودي عليه بأن لا يُستفتى، ولكن سرعان ما انجلت هذه المحنة، وعوقب من تسبب بها (١).

٢ - محنته ومسائلته عن عقيدته، سنة (٧٠٥ هـ)، ومناظرته للعلماء في "العقيدة الواسطية"، وخروجه معززًا مكرمًا منها، وإجازة تلك العقيدة (٢).

٣ - محنته وسفره رحمه الله إلى مصر في السنة نفسها، وامتحان العلماء له، وإدخاله السجن، وفي تلك الفترة هُدد الشيخ وتُوعد بالقتل، وما زاده إلا إيمانًا وتسليمًا، ومكث في السجن سنة ونصف السنة، حتى أخرجه ابن مهنا أمير العرب بعد استئذانه من أولي الأمر، وانمحت تلك المحنة، ومكث رحمه الله قرابة ستة أشهر يقرئ العلم، وينشر العقيدة الصحيحة التي تكالب المتكلمون والمتصوفون على دفنها بين ركامات علم الكلام وجهالات التصوف (٣).

٤ - محنته بسبب ثورة الصوفية وتظاهرهم ضده، وشكواهم من أنه


(١) العقود الدرية (١٣٢)، البداية والنهاية (١٤/ ٤).
(٢) العقود الدرية (١٣٢)، البداية والنهاية (١٤/ ٣٨).
(٣) العقود الدرية (١٦٥ - ١٧١)، البداية والنهاية (١٤/ ٤٠، ٤٧).

<<  <   >  >>