للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن صاحبكم خليل الله" (١)، يعني نفسه - صلى الله عليه وسلم -.

وقال: "إن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا " (٢)، والخلة (٣) أخص من مطلق المحبة، فإن الأنبياء عليهم السلام والمؤمنون يحبون الله، ويحبهم الله، كما قال تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} الآية [المائدة: ٥٤].

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥].

وقد أخبر الله تعالى إن الله (٤) يحب المتقين، ويحب المقسطين، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص.

وقد (٥) كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخبر بحبه لغير واحد، كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال للحسن وأسامة: "اللهم إني أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما" (٦).

وقال له عمرو بن العاص: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"،


(١) رواه مسلم برقم (٢٣٨٣) كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، والترمذي برقم (٣٦٥٥) كتاب المناقب، وابن ماجه برقم (٩٣) المقدمة، وأحمد برقم (٣٥٧٠) وقد رواه البخاري برقم (٣٦٥٤) كتاب المناقب باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سدوا الأبواب كلها إلا باب أبي بكر. . .، وليس فيه قوله: ولكن صاحبكم خليل الله، وهذا الحديث قد استفاضت طرقه كما ذكر المؤلف، وحسبنا أنه من رواية جمع من الصحابة، منهم أبو سعيد الخدرى، وابن عباس، وعبد الله بن مسعود، وجندب بن عبد الله البجلي، وابن الزبير، وهؤلاء روايتهم في الصحيح، وأبو هريرة، وأبو المعلى الأنصاري، وغيرهما في غير الصحيحين. وهذه الاستفاضة شاهدة على مكانة الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه، وأنه أفضل الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) رواه مسلم برقم (٥٣٢) كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب، وابن ماجه برقم (١٤١) المقدمة.
(٣) قال في "القاموس المحيط": الخل والخلة بكسرهما أي: المصادقة والإخاء، والخلة أيضًا: الصديق، للذكر والأنثى، والخل بالكسر والضم: الصديق المختص (١٢٨٥).
(٤) في (ط): "أنه".
(٥) كلمة "قد" ليست في (ط).
(٦) رواه البخاري برقم (٣٧٤٧) كتاب المناقب باب مناقب الحسن والحسين - رضي الله عنهما -، وأحمد برقم (٢١٣٢١).

<<  <   >  >>