للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم غرام (١) للزومه القلب كما يلزم الغريم غريمه.

ثم يصير عشقًا (٢).

إلى أن يصير تتيمًا، والتتيم التعبد، وتيم الله عبد الله (٣)، فيصير القلب [عبد]، (٤) للمحبوب مطيعًا له، لا يستطيع الخروج عن أمره.

وقد آل الأمر بكثير من عشاق الصور إلى ما هو معروف عند الناس، مثل من حمله ذلك على قتل نفسه وقتل معشوقه، أو الكفر والردة عن الإسلام، أو أفضى به إلى الجنون وزوال العقل، أو أوجب خروجه عن المحبوبات العظيمة من الأهل والمال والرياسة، أو أمرض جسمه وأضناه (٥).

فمن قال: الحب لا يزيد ولا ينقص، كان قوله من أظهر الأقوال فسادًا، ومعلوم أن الناس يتفاضلون في حب الله أعظم من تفاضلهم في حب كل محبوب، فهو سبحانه اتخذ إبراهيم خليلًا، واتخذ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أيضًا خليلًا.

كما استفاض عنه أنه قال: "لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا


(١) الغرام: الولوع، القاموس المحيط (١٤٧٥)، وفي الصحاح مثله، وقال: الغرام الشر الدائم والعذاب (٥/ ١٩٩٦).
(٢) العشق: إفراط في الحب أو مرض وسواسي يجلبه إلى نفسه بتسليط فكره على استحسان بعض الصور، القاموس المحيط (١١٧٤)، وقال في "الصحاح" (٤/ ١٥٢٥)، العشق فرط الحب.
(٣) التتيم: تيمته تتيمًا عبّدته وذللته، القاموس المحيط (١٤٠٠)، وفي الصحاح: تيم الله عبد الله وأصله من قولهم تيمه الحب أي عبده وذلّله فهو متيم، (٥/ ١٨٧٩).
(٤) في نسخة الأصل: عبد، وهو خطأ، والتصحيح من (م) و (ط).
(٥) في (ط): أمراض جسمه وأسنانه. وأضناه من الضنا وهو المرض يقال: ضني بالكسر يضني ضنىً شديدًا، وأضناه المرض أي أدنفه وأثقله، الصحاح (٦/ ٢٤١٠)، وفي القاموس المحيط ضني مرض مرضًا مخامرًا كلما ظن برؤه نكس (١٦٨٣).

<<  <   >  >>