للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحق به، وكل نقص تنزه (١) عنه مخلوق فالخالق أحق بتنزيهه منه (٢)، وهذا على طريق كل طائفة واصطلاحها، فهذا يقول كمال المعلول من كمال علته، وهذا يقول: كمال المصنوع المخلوق من كمال صانعه وخالقه (٣).

وفي الحديث الذي رواه أحمد في المسند، ورواه ابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أصاب عبدًا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه قرحًا، قالوا: يا رسول الله ألا نتعلمهن؟ قال: بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" (٤).


(١) في (م): "ينزه".
(٢) في (م) و (ط): "عنه".
(٣) هذه قاعدة عظيمة ذكرها المؤلف في التدمرية (٥٠) بقوله: "والله سبحانه وتعالى لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، فإن الله لا مثل له، بل له المثل الأعلى، فلا يجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل، ولا في قياس شمول تستوي أفراده ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به، وكل ما تنزه عنه المخلوق بالنقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه، فإذا كان المخلوق منزهًا عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم فالحق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق، وإن حصلت موافقة في الاسم". وبالطبع فإن مراد المصنف رحمه الله هو إثبات الكمالات التي تليق بالله عز وجل، وهي كل ما ثبت في القرآن والسنة، وأما ما عداها فلا تطلق إلا من باب الأخبار، لا من باب الصفات، مع التحرز الشديد.
(٤) رواه أحمد برقم (٣٧١٢) وقال محققه الشيخ أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، وابن حبان في صحيحه رقم (٩٧٢) ٣/ ٢٥٣، وقال محققه الشيخ شعيب الأرناؤوط: "إسناده صحيح"، ورواه الحاكم في المستدرك (١/ ٥٠٩)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه، فإنه مختلف في سماعه عن أبيه"، وتعقبه الحافظ الذهبي بقوله: "وأبو سلمة لا يدرى من هو، ولا رواية له في الكتب الستة"، ورواه أبو يعلى في المسند برقم (٥٢٩٧) ٩/ ١٩٨، والطبراني في المعجم الكبير برقم (١٠٣٥١) ١٠/ ١٦٩، وذكره الشيخ الألباني في سلسلته الصحيحة برقم (١٩٩)، وذكر الجاحظ ابن حجر أن ابن حبان =

<<  <   >  >>