للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[شرًا] (١) من البهائم، كان التفاضل [الذي] (٢) فيهم أعظم من تفاضل الملائكة، وأصل تفاضلهم إنما هو بمعرفة الله ومحبته، فعلم أن تفاضلهم في هذا لا يضبطه إلا الله تعالى، وكل ما يعلم من تفاضلهم في حب شيء من محبوباتهم، فتفاضلهم في حب الله أعظم.

وهكذا تفاضلهم في خوف ما يخافونه، وتفاضلهم في الخضوع والذل (٣) لما يذلون له ويخضعون، وكذلك تفاضلهم فيما يعرفونه من المعروفات، ويصدقون به، ويقرون به، وإن كانوا يتفاضلون في معرفة الملائكة وصفاتهم، والتصديق بهم، فتفاضلهم في معرفة الله وصفاته والتصديق به أعظم.

وكذلك إن كانوا يتفاضلون في معرفة روح الإنسان وصفاتها، والتصديق بها، أو في معرفة الجن وصفاتهم، وفي التصديق بهم، أو في معرفة ما في الآخرة من النعيم والعذاب -كما أخبروا به من المأكولات والمشروبات والملبوسات والمنكوحات والمسكونات- فتفاضلهم في معرفة الله وصفاته والتصديق بذلك (٤) أعظم من تفاضلهم في معرفة الروح التي هي النفس الناطقة، ومعرفة ما في الآخرة من النعيم والعذاب، بل إن كانوا متفاضلين في معرفة أبدانهم وصفاتها وصحتها ومرضها وما يتبع ذلك، فتفاضلهم في معرفة الله تبارك وتعالى أعظم وأعظم فإن كل ما يعلم ويقال يدخل في معرفة الله تعالى، إذ لا موجود إلا وهو خلقه، وكل ما في المخلوقات من الصفات والأسماء والأقدار والأفعال فإنها شواهد ودلائل على ما لله سبحانه وتعالى من الأسماء الحسنى والصفات العلى، إذ كل كمال في المخلوقات فمن أثر كماله، وكل كمال ثبت لمخلوق فالخالق


= محدث حتى رأيتها أثرية سلفية صحيحة، فانبعثت الهمة إلى تحقيق القول بها فقلنا حينئذٍ بما قاله السلف" ثم ذكر آثارًا عن بعض الصحابة والتابعين في المسألة، والله أعلم.
(١) في نسخة الأصل: "تر"، والتصحيح من (م) و (ط).
(٢) في نسخة الأصل: "التي"، والتصحيح من (م) و (ط).
(٣) في (ط): "الذل والخضوع".
(٤) في (ط): "به".

<<  <   >  >>