للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحدوث العالم، لكن (١) أثبتوا القدماء [الخمسة] (٢) (٣)، وأخذوا من المذاهب ما هو شرها وأفسدها، ومتهم من يصدق بها مع قوله بقدم العالم، كابن سينا (٤) وأمثاله، لكنهم يجعلون النبي بمنزلة ملك عادل،


(١) كلمة "لكن" ليست في (ط).
(٢) في نسخة الأصل: الجهمية، وهو خطأ، والتصحيح من (م) و (ط).
(٣) القدماء الخمسة كما ذكرها المصنف في موضع آخر هي: الرب، والنفس، والمادة، والدهر، والفضاء، وذكر رحمه الله تعالى أن هذا القول هو قول ديمقراطيس والحرانيين، مجموع الفتاوى (٦/ ٣٠٨)، منهاج السنة النبوية (٢/ ٥٧٢)، وذكرها رحمه الله في موضع آخر بقوله: الواجب بنفسه، والمادة، والمدة، والنفس، والهيولي، منهاج السنة النبوة (١/ ٢٠٩)، ونلحظ أنه لا فرق بين الموضعين إلا في أمر واحد، حيث ذكر في الموضع الأول الفضاء، وذكر في الموضع الثاني الهيولي، وأما الرازي نفسه فالقدماء الخمسة عنده هي: الباري والنفى والهيولي والمكان والزمان، هو قريب مما ذكره شيخ الإسلام، رسائل فلسفية (١٩١) لأبي بكر الرازي.
أما تكذيب الرازي الطبيب بالنبوات كما ذكر المصنف فهو أمر قد ذكر عنه، وإن حاول بعض المعاصرين أن ينفي تلك التهمة، ويرمي شيخ الإسلام بعدم التثبت، كما صنع الدكتور عبد اللطيف محمد العبد في كتابه "دراسات في الفلسفة الإسلامية" (٢٩١) ولم يكن صنيع المصنف بدعًا من القول، بل سبقه إلى ذلك ابن حزم في الفصل حيث ذكر أنه رد عليه في مصنف مفرد (١/ ١٠).
(٤) وأبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا البلخي، الملقب بالشيخ الرئيس، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق، كان أبوه من دعاة الإسماعيلية، أما هو فقد كان رأس الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام، له من المصنفات أكثر من مئة، منها: "القانون" في الطب، و "الشفاء" في الحكمة، و"أسرار الحكمة المشرقية، و"الإشارات" "عنقاء مغرب" وغيرها، وقد عده المصنف رحمه الله تعالى في مواضع كثيرة من ملاحدة الفلاسفة، وكفره الغزالي مع الفلاسفة القائلين بقدم العالم، وعدم علم الله بالجزئيات، وإنكارهم للمعاد الجثماني.
قلت: وقد أولع به الغرب، وبالغوا في إطرائه -كما أطروا الفارابي وابن زكريا الرازي الطبيب والكندي وابن رشد وغيرهم ممن رمي في دينه واتهم في عقيدته- وكان إطراء الغرب لتراث هؤلاء جملة وتفصيلًا، سواء كان في الطب والعلوم أو في الفلسفة والضلالات؛ وكأنهم يريدون أن يوصلوا رسالة للمسلمين بطريق غير مباشر، بأن التقدم في العلوم التجريبية مرهون بالفلسفة التي غرق فيها هؤلاء المنتسبون إلى الإسلام، أو بمعنى آخر بتنحية الدين جانبًا، والخروج عن تعاليمه ومبادئه، فإن المستشرقين من الغربيين، وتلامذتهم من بني جلدتنا لم يسلطوا =

<<  <   >  >>