للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصار كل من سلك سبيلهم كالسهروردي المقتول (١)، وابن سبعين المغربي (٢) وأمثالهما يطلب النبوة، ويطمع أن يقال له: قم فأنذر، هذا يقول: لا أموت حتى يقال لي: {قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)} (٣)، وهذا يجاور بمكة


(١) هو أبو الفتوح يحيى بن حبش بن أميرك شهاب الدين السهروردي نسبة إلى سهرورد من العراق العجمي (الكردي) نعته الحافظ الذهبي "بالعلامة الفيلسوف السيماوي المنطقي، من كان يتوقد ذكاء، إلا أنه قليل الدين"، كان مزدريًا للعلماء مستهزئًا رقيق الدين، حكم بكفره فقهاء حلب، وكتبوا بذلك كتابًا إلى السلطان العادل صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى، فأرسل إلى ولده الملك الظاهر غازي ملك حلب يأمره بقتله -وكان السهروردي قد لبس على الظاهر وحظي عنده بمكانة خاصة- فذكر أنه خيره بين أنواع القتل، فاختار أن يموت جوعًا، فمنع عنه الطعام حتى هلك، وقيل إنه مات مخنوقًا، والأول أشهر، من مؤلفاته "التلويحات" و"اللمعة" و"هياكل النور" و"حكمة الإشراق" وكلها في الفلسفة والضلالات، مات سنة ٥٨٧ هـ عن ستة وثلاثين عامًا وقول المصنف رحمه الله تعالى: السهروردي المقتول تفريق بينه وبين معاصره شهاب الدين السهروردي الصوفي الشافعي صاحب عوارف المعارف المتوفى سنة ٦٣٢ هـ -الآتية ترجمت-، وفيات الأعيان (٦/ ٢٦٨)، سير أعلام النبلاء (٢١/ ٢٠٧)، العبر (٤/ ٢٩٠)، النجوم الزاهرة (٦/ ١١٤)، شذرات الذهب (٦/ ٤٧٦).
(٢) هو عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن سبعين الإشبيلي المرسي، من أئمة الفلاسفة المتصوفين القائلين بوحدة الوجود، وكان يعرف السيميا (نوع من السحر) وكان يلبس بذلك على الأغبياء من الأمراء والأغنياء، أقام بمكة، وجاور في بعض الأوقات بغار حراء، يرتجي فيما ينقل عنه أن يأتيه وحي كما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك على ما كان يعتقده -قبحه الله- من العقيدة الفاسدة من أن النبوة مكتسبة، وأنها فيض على العقل إذا صفا، فما حصل له إلا الخزي في الدنيا والآخرة، أن كان مات على ذلك، له مؤلفات منها كتاب "الهو" وكتاب "الحروف الوضعية في الصور الفلكية"، مات بمكة سنة ٦٦٩ هـ، العبر (٥/ ٢٩١)، الوافي بالوفيات (١٨/ ٦٠)، البداية والنهاية (١٣/ ٢٧٥)، نفح الطيب للمقري (٢/ ١٩٥).
(٣) يذكر ابن العماد الأصفهاني في كتابه "البستان الجامع لتواريخ الزمان" أن الفقهاء في حلب ناظروا السهروردي حول إمكان الله خلق نبي جديد، وأنه قال بذلك، وأن هذا من أسباب قتله (٥٩٢) نقلًا عن الفلسفة الصوفية في الإسلام للدكتور عبد القادر محمود (٤٤٢)، ويوافق الدكتور محمد علي أبو ريان في كتابه "أصول الحكمة الإشراقية" (١٩) على ذلك، ولكنه يدافع عن السهروردي بأنه قال ذلك "حفظًا للقدرة الإلهية من إلحاق النقص بها يقرر إمكان خلق نبي جديد"، على أن ما نسبه المصنف رحمه الله تعالى إلى السهروردي من قوله: لا أموت حتى يقال =

<<  <   >  >>