للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعمر (١) غار حراء، ويطلب أن ينزل عليه فيه الوحي كما نزل على المزمل المدثر مثله (٢)، وكل منهما ومن أمثالهما يسعى بأنواع من (٣) السيمياء (٤)


= لي: قم فأنذر، لم أستطع الاطلاع عليه، غير أن السهروردي نفسه يذهب في كتابه "حكمة الإشراق" (٣٧١) إلى "وجود قطب متوغل في التأله لا يخلو العالم منه، يكون خليفة الله في أرضه، ويتلقى عنه. . . " ويقول في كتابه "هياكل النور" (٤٤): "فإذا ما تجردنا عن الملذات الجسمية، تجلى لنا نور إلهي لا ينقطع مدده عنا. .. " نقلًا عن الفلسفة الصوفية (٤٤٦)، وكل هذه النصوص تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك ما ذهب إليه شيخ الإسلام في هذا المقام وحكاه عن السهروردي المقتول، ويؤيده في ذلك الدكتور عبد القادر محمود في كتابه "الفلسفة الصوفية في الإسلام" (٤٤٢).
(١) في (م) و (ط): "ويعمد إلى".
(٢) في (ط): "المزمل والمدثر"، وقد نقل المؤرخون عن ابن سبعين أنه كان قد اختلى بنفسه في غار حراء -كما أوردنا في ترجمته- وقام برياضات نفسية شاقة حتى تصفو نفسه وينزل عليه الوحي بزعمه الباطل، ونقل عنه أيضًا قوله: "لقد تحجر ابن آمنة واسعًا بقوله: لا نبي بعدي" انظر: المصادر التي ذكرناها في ترجمته.
والمقصود بالمزمل والمدثر النبي - صلى الله عليه وسلم - القائل حين نزل عليه الوحي وأخذته - صلى الله عليه وسلم -بأبي وأمى هو- رعدة: زملوني دثروني كما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها -، رواه البخاري برقم (٤٩٥٧) كتاب التفسير، ومسلم برقم (٧٣) كتاب الإيمان، والمعنى ألبسوني وغطوني.
(٣) كلمة "من" ليست في (ط).
(٤) يقول صاحب كتاب "كشف الظنون" (٢/ ١٠٢٠): "علم السيمياء يطلق هذا الاسم على ما هو غير الحقيقي من السحر، وهو المشهور، وحاصله إحداث مثالات خيالة في الجو لا وجود لها في الحس. . وحاصله أن يركب الساحر أشياء من الخواص أو الأذهان والمائعات أو كلمات خاصة توجب بعض تخيلات خاصة. . . وفي هذا الباب حكايات كثيرة عن ابن سينا والسهروردي المقتول".
وجاء أيضًا في الحاشية في نفس الصفحة عن لفظ السيمياء: "لفظ عبراني معرب، أصله سيم يه أي اسم الله".
وانظر أيضًا: أبجد العلوم (٢/ ٣٣٢) لصديق حسن خان القنوجي.
ويرى د. محمد يحيى الهاشمي في كتابه "الكيمياء في التفكير الإسلامي" (٢١): أن السيميا تحتوي على كيفية تحويل المعادن وأكسير الحياة تلك المادة التي تطيل الحياة بزعمهم، وأن الكيمياء بمعنى السيميا تتمشى مع الأفلاطونية الحديثة جنبًا إلى جنب، ولها ناحيتان: ناحية تجريبية، وأخرى نظرية شديدة العلاقة بفكرة الوحي والإلهام، وهذا هو السر على ما يظهر بعلاقة السيمياء بالصوفية والتدين الشرقي، وكل من الصوفية والأفلاطونية يميل إلى الإلهام والباطن والفيض. وقد =

<<  <   >  >>