للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} الآية [التوبة: ٥]، وهذه الأربعة التي أجلوها هي الأربعة الحرم.

ولهذا غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - النصارى بأرض الروم عام تبوك سنة تسع قبل إرسال أبي بكر - رضي الله عنه - أميرًا على الموسم (١)، وإنما أمكنه غزو النصارى لما اطمأن من جهة مشركي العرب، وعلم أنه لا خوف على الإسلام منهم.

ولهذا لم يأذن لأحد ممن يصلح للقتال في التخلف، فلم يتخلف إلا منافق، أو الثلاثة الذين تيب عليهم (٢)، أو معذور.

ولهذا لما استخلف عليًا على المدينة (٣) عام تبوك طعن المنافقون فيه


= ثم أورد بعض ما يؤيد أنها كانت في ذي الحجة.
وذكر الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى أن الطبراني وأبا الشيخ وابن مردويه قد أخرجوا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "كانت العرب يحلون عامًا شهرًا، وعامًا شهرين، ولا يصيبون الحج إلا في كل سنة وعشرين سنة مرة، وهي النسيء الذي ذكره الله في كتابه، فلما كان عام حج أبو بكر بالناس وافق ذلك العام، فسماه الله الحج الأكبر، ثم حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العام القابل. . . " فتح القدير (٢/ ٣٦٠).
ومما يتبين بعد كل هذه الأقوال التي أوردناها أن القول بأن حجة الصديق - رضي الله عنه - وافقت ذا الحجة قد يكون هو القول الأقرب، والله أعلم.
(١) كانت غزوة تبوك في شهر رجب سنة تسع للهجرة، سيرة ابن هشام (٢/ ٥١٥)، تاريخ ابن جرير (٢/ ١٨١)، البداية والنهاية (٥/ ٣).
(٢) وهم الذين قال الله فيهم: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨)} [التوبة: ١١٨]، وهم كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وقصة كعب بن مالك وصاحبيه - رضي الله عنهم - في الصحيح رواها البخاري في صحيحه برقم (٤٤١٨) كتاب المغازي، ومسلم برقم (٦٧٦٩) كتاب التوبة، والنسائي برقم (٣١٠٢) كتاب تفسير القرآن، ، وأحمد برقم (٢٦٦٣٤).
(٣) المشهور عند أهل المغازي والسير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك استخلف عليًا على أهله، أما الذي استخلفه على المدينة ففيه قولان، الأول: أنه محمد بن مسلمة الأنصاري، والثاني: سباع بن عرفطة، وحكى الحافظ ابن في الجوزية القولين في =

<<  <   >  >>