للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يضمن الأمر بابتداء الفعل وإتمامه، وقال الأكثرون: إنما وجب الحج متأخرًا، قيل: سنة تسع، وقيل: سنة عشر، وهذا هو الصحيح (١).

فإن آية الإيجاب إنما هي قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] (٢)، وهذه الآية في سورة (٣) آل عمران في سياق مخاطبته لأهل الكتاب، وصدر آل عمران، وما فيها من مخاطبة أهل الكتاب، نزل لما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد نجران النصارى، وناظروه في أمر المسيح، وهم أول من أدى الجزية من أهل الكتاب (٤).


(١) اختلف أهل العلم في وقت ابتداء فرض الحج فقل:
١ - قبل الهجرة، وهو قول شاذ -كما قال الحافظ في الفتح (٣/ ٣٧٨).
٢ - وقيل: سنة خمس للهجرة.
٣ - وقيل: سنة ست للهجرة، وذكر الحافظ أن هذا قول الجمهور لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الفتح (٣/ ٣٧٨).
٤ - وقيل: سنة سبع للهجرة.
٥ - وقيل: سنة ثمان للهجرة.
٦ - وقيل: سنة تسع للهجرة.
٧ - وقيل: سنة عشر للهجرة، وهو ما رجحه المصنف.
وهذه الأقوال ذكرها الشيخ أبو القاسم الرافعي في كتابه، فتح العزيز على هامش المجموع (٧/ ٣)، وذكرها المصنف رحمه الله في كتابه شرح العمدة (١/ ٢١٨)، وقد أطال البحث فيها، ورد على من قال: إن الحج فرض سنة خمس، أو ست، غير أنه رجح أن يكون فرضه سنة تسع، شرح العمدة (١/ ٢٢٢).
أما تلميذ المصنف الحافظ ابن القيم، فقد ذكر أن فرض الحج كان سنة تسع أو عشر، ولم يجزم بشيء، زاد المعاد (٢/ ١٠١).
ومن آثار هذا الخلاف المسألة المشهورة في وجوب الحج، هل هو على الفور أو التراخي، وخلاف الفقهاء في ذلك.
(٢) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية: "هذه آية وجوب الحج عند الجمهور" ورجح ذلك القول، تفسير ابن كثير (١/ ٣٨٦).
(٣) كلمة "سورة" ليست في (م) و (ط).
(٤) وردت قصة وفد نجران مختصرة في الصحيح من رواية حذيفة - رضي الله عنه - قال: "جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كان نبيًا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعث معنا =

<<  <   >  >>