للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ذلك بعد إنزال سورة براءة، التي شرع فيها الجزية، وأمر فيها بقتال أهل الكتاب، وحتى يعطوا الجزية عن يد وهو صاغرون.

وغزا النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك، التي غزا فيها النصارى لما أمر الله بذلك في قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} [التوبة: ٢٩].

ولهذا لم يذكر وجوب الحج في عامة الأحاديث، وإنما جاء في الأحاديث المتأخرة، وقد قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس، وكان قدومه قبل فتح مكة على الصحيح كما قدمناه (١)، وقالوا: يا رسول الله، إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، يعنون بذلك أهل نجد من تميم وأسد وغطفان، لأنهم بين البحرين وبين المدينة، وعبد القيس من ربيعة ليسوا من مضر، ولما فتحت مكة زال هذا الخوف، ولما قدم عليه وفد عبد القيس أمرهم بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وخمس المغنم، ولم يأمرهم بالحج.

وحديث ضمام قد تقدم أن البخاري لم يذكر فيه الحج، كما لم يذكر (٢) في حديث طلحة، وأبي هريرة، وغيرهما (٣)، مع قولهم: إن هذه الأحاديث هي من قصة ضمام، وهذا ممكن، مع أن تاريخ قدوم ضمام هذا ليس متيقنًا.


= إلا أمينًا، فقال: لأبعثن معكم رجلًا أمينًا، حقَّ أمين، فاستشرف له أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: هذا أمين هذه الأمة"، ورواه البخاري برقم (٤٣٨٠) كتاب المغازي باب قصة أهل نجران، ومسلم برقم (٢٤٢٠) ٤/ ١٨٨٢ كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي عبيدة بن الجراح، والترمذي برقم (٣٧٩٦) كتاب المناقب، وابن ماجه برقم (١٣٥) في المقدمة، وأحمد برقم (٣٩٢٠).
وجاءت قصة الوفد مطولة فى كتب المغازي والسير من رواية ابن إسحاق، سيرة ابن هشام (١/ ٥٧٣)، ومن رواية سلمة بن عبد يسوع بن يونس، عن أبيه عن جده يونس -وكان نصرانيًا فأسلم- عند الحافظ البيهقي في دلائل النبوة (٣٨٢)، وانظر: البداية والنهاية (٥/ ٤٨)، وتفسير القرآن العظيم (١/ ٣٧٠).
(١) في (م) و (ط): "بيناه" وانظر: ص ٥٢٣.
(٢) فى (ط): "يذكره".
(٣) وقد تقدم الكلام على ذلك فيما سبق.

<<  <   >  >>