للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصلوا قوتلوا، وبين أنهم يؤخرون الصلاة عن وقتها، وذلك ترك المحافظة عليها لا تركها.

وإذا عرف الفرق بين الأمرين، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أدخل تحت المشيئة من لم يحافظ عليها لا من تركها (١)، ونفس ترك صفة (٢) المحافظة يقتضي أنهم صلوا ولم يحافظوا عليها، ولا يتناول من لم يحافظ، فإنه لو يتناول (٣) ذلك قتلوا كفارًا مرتدين بلا ريب (٤).


(١) في (م) و (ط): "ترك".
(٢) كلمة "صفة" ليست في (م) و (ط).
(٣) في (م) و (ط): "تناول".
(٤) وقال المصنف شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى (٢٠/ ٩٧) في موضع آخر عن تارك الصلاة بتفصيل دقيق في هذه المسألة الخطيرة: "وليس الأمر كما يفهم من إطلاق بعض الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم، أنه إن جحد وجوبها كفر، وإن لم يجحد وجوبها فهو مورد النزاع، بل هنا ثلاثة أقسام:
أحدها: إن جحد وجوبها فهو كافر بالاتفاق.
والثاني: أن لا يجحد وجوبها، لكنه ممتع من التزام فعلها كبرًا أو حدًا، أو بغضًا لله ورسوله، فيقول: أعلم أن الله أوجبها على المسلمين، والرسول صادق في تبليغ القرآن، ولكنه ممتنع عن التزام الفعل استكبارًا أو حدًا للرسول، أو عصية لدينه، أو بغضًا لما جاء به الرسول، فهذا أيضًا كافر بالاتفاق، فإن إبليس لما ترك السجود المأمور به لم يكن جاحدًا للإيجاب، فإن الله تعالى باشره بالخطاب، وإنما أبى واستكبر وكان من الكافرين، وكذلك أبو طالب كان مصدقًا للرسول فيما بلغه، لكنه ترك اتباعه حمية لدينه، وخوفًا من عار الانقياد، واستكبارًا عن أن تعلو أسته رأسه، فهذا ينبغي أن يتفطن له.
والثالث: أن يكون مقرًا ملتزمًا تركها كسلاً ونهاونًا، أو اشتغالًا بأغراض له عنها، فهذا مورد النزاع، كمن عليه دين، وهو مقر بوجوبه، ملتزم لأدائه، لكنه يمطل بخلا أو تهاونًا.
وهنا قسم رابع: وهو أن يتركها ولا يقر بوجوبها، ولا يجحد وجوبها، لكنه مقر بالإسلام من حيث الجملة، فهل هذا من موارد النزاع، أو من موارد الإجماع؟ ولعل كلام كثير من السلف متناول لهذا، وهو المعرض عنها لا مقرًا ولا منكرًا. . ".
قلت: وقد يقال: هناك قسم خامس: وهم الذين يصلون تارة، ويتركون أخرى، وقد ذكر المصنف هذا القسم بعد ذلك، وقال إن فيهم إيمان ونفاق، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة.

<<  <   >  >>