للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان أصحابه مشغولين بالجهاد، لأنهم فرض عليهم الجهاد بأموالهم وأنفسهم حتَّى كانوا يتلذذون بقولهم:

نحن الذين بايعوا محمدًا. . . على الجهاد ما بقينا أبدا (١)

فلأجل ذلك أقر اليهود على أن يعملوا ولهم شطر ما أخرجت الأرض، فإن الذين شهدوا فتح خيبر كانوا أهل بيعة الرضوان، الذين بايعوا تحت الشجرة، نحو ألف وأربع مائة، وانضم إليهم أهل سفينة جعفر (٢)، فهؤلاء الذين قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم خيبر، فلو أقام طائفة من هؤلاء، وهم أبطال الموحدين، وحماة المسلمين، وشغلوا بفلاحتها لتعذرت مصالح الإسلام من قبل قوم لا يقوم بها غيرهم.


(١) روى البخاري برقم (٢٨٣٤) كتاب الجهاد والسير باب الصبر عند القتال، ومسلم برقم (١٨٠٥) ٣/ ١٤٣١ كتاب الجهاد والسير باب غزوة الأحزاب وهي الخندق، وأحمد برقم (١٢٥٣٩) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:
اللهم لا عيش إلَّا عيش الآخرة. . . فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمدا. . . على الجهاد ما بقينا أبدا
وجاء في بعض الروايات: قولهم: (على الإسلام) بدلًا (على الجهاد)، وجاء في بعضها الآخر أنهم هم الذين قالوا ذلك أولًا، فأجابهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلعلهم كانوا يتجاوبون بذلك، مرة يبدأ بالقول فيجيبونه، ومرة يبتدؤونه بالقول فيجيبهم، وإلى هذا المعنى أشار الحافظ -رحمه الله- في الفتح (٧/ ٣٩٥).
(٢) خبر قدوم أصحاب السفينة وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان بعد فتح خيبر بأيام، وقد أسهم لهم - صلى الله عليه وسلم -، والقصة رواها البخاري برقم (٣١٣٦) كتاب فرض الخمس باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي - صلى الله عليه وسلم -برضاعه فيهم- فتحلل من المسلمين. . .، ومسلم برقم (٢٥٠٣) ٤/ ١٩٤٦ كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم - رضي الله عنهم -، والترمذي برقم (١٥٥٩) كتاب السير، وأبو داود برقم (٢٧٢٥) كتاب الجهاد، وأحمد برقم (١٩١٣٨).
وانظر في قدوم جعفر إلى ما تقدم: دلائل النبوة للبيهقي (٤/ ٢٤٤)، زاد المعاد (٣/ ٣٣٢)، البداية والنهاية (٤/ ٢٠٦).

<<  <   >  >>