ويقول أيضًا: "ولهذا أمروا بالعدل في البيوع، والصدق في المعاملات". ويقول أيضًا: "وأصل مذهب أحمد في العقود الجواز، فلا يحرم منها إلَّا ما حرمه الله ورسوله، ومذهبه أوسع المذاهب في باب المزارعة والمناصبة والمساقاة، وكل ما كان من المعاملات المباحة". ويقول أيضًا: "من الإحسان في البيوع، والتزام العقود الشرعية، والورع في المعاملات المباحة ما ذكره الإمام أبو الوفا بن عقيل البغدادي في كتاب (التذكرة) في باب ما يجتنب من البيوع الفاسدة فقال: يجتنب منها خمسة وعشرون بيعًا. . . ". وقال بعد ذلك: "فهذه بيوع كثيرة عرف تفصيلها، ووجه الاحتراز منها، من مشهور الأحاديث وجمله النهي عن البيوع الفاسدة ثلاثة وخمسون حديثًا، وقد بوب العلماء على أكثرها، وأحسنوا التنبيه على ذلك، لئلا يكون للآكل حجة، إذا أخذ الحرام، وسماه بغير اسمه، واحتج لغلبة هواه، ورغبته في تثمير المال. . . ". ثم يقول: "ومن البيوع فاسد، لا يحل ربحه، ولا يصح العقد فيه، وللعلماء من التصانيف الجليلة في البيوع، ما بين الحالي من العاطل، وأوضح الحق من الباطل، وليس هذا مما يستغني عنه العوام، بل هو مما لا يسعهم جهله، ولا يعذر التجار في التساهل في حفظه". ويقول -رحمه الله-: "ولا خلاف أن الصحابة كانت لهم أسباب، ومعائش شتى، مع كثرة اشتغالهم بالغزو، الَّذي هو من أشد الأعمال على النفوس، وكان تورعهم واجتهادهم وفقههم الَّذي يتدارسونه بينهم معرفة الحلال والحرام، في المآكل، والمشارب، والملابس، والمساكن، والمناكح، ونحو ذلك، وكانوا يرجعون في ذلك كله إلى الكتاب والسنة، يستفتون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حال حياته، ويسأل بعضهم بعضًا عن سنته بعد وفاته، حتَّى حفظ عنهم في باب المعاملات ما قطع حجة كل أفاك أثيم، وعرف من شعارهم ما لو تمسكنا به لم نعدل عن النهج القويم، ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم". ويقول أيضًا: "وكذلك تصح المساقاة على جميع الأشجار، ويورث من كل منهم، وتقسم الشجرة أو الزرع في ورثته قسمة شرعية، فإن هذا كله من فضل الله الَّذي يحيى في الأرض. ومن قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (٢٠)} [الحجر: ٢٠]. ومن قوله تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: ١٥]. =