للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّجُودِ وَالْجُلُوسِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَصْفِ فَإِذَا جَلَسْت بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ نَصَبْت رِجْلَك الْيُمْنَى وَبُطُونُ أَصَابِعِهَا إلَى الْأَرْضِ وَثَنَيْت الْيُسْرَى وَأَفْضَيْت بِأَلْيَتِكَ إلَى الْأَرْضِ وَلَا تَقْعُدُ عَلَى رِجْلِك الْيُسْرَى، وَإِنْ شِئْت حَنَيْت الْيُمْنَى فِي انْتِصَابِهَا فَجَعَلْت جَنْبَ بُهْمِهَا إلَى الْأَرْضِ فَوَاسِعٌ

ثُمَّ تَتَشَهَّدُ وَالتَّشَهُّدُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْمُدَوَّنَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَهُ فِي التَّلْقِينِ إلَى نَحْفِدُ وَزَادَ: اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْت وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْت إنَّك تَقْضِي بِالْحَقِّ وَلَا يُقْضَى عَلَيْك، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت.

وَاخْتَارَ ابْنُ شَعْبَانَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَعَ زِيَادَةِ الدُّعَاءِ عَلَى الْكُفَّارِ وَالدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَقُولُ: وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْت مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ إلَّا بِالْمُمْكِنِ، وَالْمَقْضِيُّ لَا يَقَعُ غَيْرُهُ؟ فَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَدِّرُ الْمَكْرُوهَ بَعْدَ دُعَاءِ الْعَبْدِ الْمُسْتَجَابِ فَإِذَا اسْتَجَابَ دُعَاءَهُ لَمْ يَقَعْ الْمَقْضِيُّ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمَقْضِيَّ قَدْ يَكُونُ رَفْعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى دُعَاءٍ أَوْ نُزُولُهُ مُعَلَّقًا عَلَى دُعَاءٍ، وَلَيْسَ هَذَا رَدًّا لِلْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ، وَمِنْ هَذَا صِلَةُ الرَّحِمِ تُزِيدُ فِي الْعُمْرِ وَالرِّزْقِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْحَطَّابُ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فَإِنْ صَلَّى مَالِكِيٌّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ يَجْهَرُ بِدُعَاءِ الْقُنُوتِ فَإِنَّهُ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ وَلَا يَقْنُتُ مَعَهُ وَالْقُنُوتُ مَعَهُ مِنْ فِعْلِ الْجُهَّالِ، اُنْظُرْ مُخْتَصَرَ الْوَاضِحَةِ فِي الْقُنُوتِ فِي رَمَضَانَ، وَمِنْ إمْلَاءِ الْأُجْهُورِيِّ لِبَعْضِ التَّلَامِذَةِ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَقْنُتُ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِ الْقُنُوتِ، وَادَّعَى أَنَّ كَلَامَ الْوَاضِحَةِ قَاصِرٌ عَلَى قُنُوتِ رَمَضَانَ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ عِنْدَنَا. (خَاتِمَةٌ) قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْإِحْكَامِ: سَبَبُ الْقُنُوتِ خَبَرُ أَبِي دَاوُد: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو عَلَى مُضَرَ فِي صَلَاتِهِ إذْ جَاءَ جِبْرِيلُ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَنْ اُسْكُتْ فَسَكَتَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْك سَبَّابًا وَلَا لَعَّانًا وَإِنَّمَا بَعَثَك رَحْمَةً وَلَمْ يَبْعَثْك عَذَابًا، لَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ» وَعَلَّمَهُ هَذَا الْقُنُوتَ السَّابِقَ ذِكْرُهُ، وَلِذَا اسْتَحَبَّهُ الْإِمَامُ دُونَ غَيْرِهِ، حَتَّى قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَنَّهُ كَانَ سُورَتَيْنِ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ نُسِخَتَا.

(ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقُنُوتِ وَالرُّكُوعِ تَهْوِي سَاجِدًا وَ (تَفْعَلُ فِي السُّجُودِ) مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (وَ) فِي (الْجُلُوسِ) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَصْفِ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (فَإِذَا جَلَسْت بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ) لِلتَّشَهُّدِ (نَصَبْت رِجْلَك الْيُمْنَى) أَيْ قَدَمَهَا (وَ) جَعَلْت (بُطُونَ أَصَابِعِهَا إلَى الْأَرْضِ وَثَنَيْت) أَيْ عَطَفْت رِجْلَك (الْيُسْرَى وَأَفْضَيْت) أَيْ دَنَوْت (بِأَلْيَتِك) بِالْإِفْرَادِ مَقْعَدَتُك الْيُسْرَى (إلَى الْأَرْضِ) وَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ تَثْنِيَةِ أَلْيَتِك فَخَطَأٌ.

قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ: لِأَنَّهُ إذَا جَلَسَ عَلَيْهِمَا كَانَ إقْعَاءً وَهُوَ مَكْرُوهٌ. (وَلَا تَقْعُدُ عَلَى رِجْلِك الْيُسْرَى) هَذَا مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَلَسَ عَلَى وَرِكِهِ الْأَيْسَرِ لَمْ يَجْلِسْ عَلَى قَدَمِهِ، وَإِذَا جَلَسَ عَلَى قَدَمِهِ لَمْ يَجْلِسْ عَلَى وَرِكِهِ، وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى قَدَمِهِ الْيُسْرَى، وَهَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْجُلُوسِ مِثْلُهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي جَمِيعِ جُلُوسِ الصَّلَاةِ وَنَصُّهَا عَلَى مَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَهْرَامُ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ قَالَ فِيهَا: وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ سَوَاءٌ يُفْضِي بِأَلْيَتِهِ إلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَظَاهِرَ إبْهَامِهَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ وَيُثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ: قَالَ فِي الرِّسَالَةِ (إنْ شِئْت حَنَيْت الْيُمْنَى فِي انْتِصَابِهَا فَجَعَلْت جَنْبَ بُهْمِهَا إلَى الْأَرْضِ) وَتَرَكْت الْقَدَمَ قَائِمًا، وَحَنَيْت الْإِبْهَامَ فَقَطْ دُونَ سَائِرِ الْقَدَمِ (فَ) إنَّ ذَلِكَ (وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نَاجِي: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّخْيِيرِ فِي جَنْبِ الْبُهْمِ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ: يَكُونُ بَطْنُ إبْهَامِهَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ لَا جَنْبُهَا اهـ، وَمِثْلُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيُسْتَحَبُّ فِي جَمِيعِ الْجُلُوسِ جَعْلُ الْوَرِكِ الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَرْضِ وَرِجْلَاهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ نَاصِبًا قَدَمَهُ الْيُمْنَى وَبَاطِنَ إبْهَامِهَا عَلَى الْأَرْضِ وَكَفَّاهُ مَفْرُوجَتَانِ عَلَى فَخِذَيْهِ اهـ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ أَنَّ ظَاهِرَ إبْهَامِهَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ لَا بَاطِنَ الْإِبْهَامِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْجُلُوسِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَوْ تَعَدَّدَ فِي الصَّلَاةِ سِوَى مَا كَانَ مِنْهُ ظَرْفًا لِلسَّلَامِ الْمَفْرُوضِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ الثَّانِي، وَسِوَى مَا كَانَ طَرَفًا لِلدُّعَاءِ فَإِنَّ الظَّرْفَ يُعْطَى حُكْمَ مَظْرُوفِهِ.

الثَّانِي: لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مِنْ كَلَامِ خَلِيلٍ مَوْضِعُ جَعْلِ قَدَمِ الْيُسْرَى، وَاَلَّذِي فِي الْجَلَّابِ يَضَعُهُ تَحْتَ سَاقِ الْيُمْنَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْجُلُوسُ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ أَنْ يُفْضِيَ بِوَرِكِهِ الْأَيْسَرِ إلَى الْأَرْضِ، وَيَنْصِبَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى عَلَى صَدْرِهَا، وَيَجْعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ سَاقِهِ الْأَيْمَنِ اهـ، وَنَقَلَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ يَجْعَلُهُ تَحْتَ فَخِذِهِ الْأَيْمَنِ قِيلَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ.

الثَّالِثُ: قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: كَأَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهِمَ فِي قَوْلِهِ بُهْمِهَا وَإِنَّمَا يُقَالُ إبْهَامٌ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْإِبْهَامُ الْأُصْبُعُ الْعُظْمَى وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَجَمْعُهَا الْإِبْهَامُ، وَأَمَّا الْبَهْمُ فَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْبَهْمُ بِفَتْحِ الْبَاءِ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدَةُ بَهْمَةٍ بِالْفَتْحِ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ مِنْ أَوْلَادِ الضَّأْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>