للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى بِزَوْجَتِهِ قَامَتْ خَلْفَهُ

وَالصَّبِيُّ إنْ صَلَّى مَعَ رَجُلٍ وَاحِدٍ خَلْفَ الْإِمَامِ قَامَا خَلْفَهُ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ لَا يَذْهَبُ وَيَدْعُ مَنْ يَقِفُ مَعَهُ

وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ إنْ صَلَّى وَحْدَهُ قَامَ مَقَامَ الْجَمَاعَةِ

وَيُكْرَهُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ أَنْ تُجْمَعَ فِيهِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ

وَمَنْ صَلَّى صَلَاةً فَلَا يَؤُمُّ فِيهَا أَحَدًا

وَإِذَا سَهَا الْإِمَامُ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ فَلْيَتْبَعْهُ مَنْ لَمْ يَسْهُ مَعَهُ مِمَّنْ خَلْفَهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِيَدَيْنَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوَّلًا، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ أَنَّهُمَا يَتَأَخَّرَانِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَا يُؤْمَرُ الْإِمَامُ بِالتَّقَدُّمِ أَمَامَهُمَا بَلْ يَسْتَمِرُّ وَاقِفًا وَهُمَا الْمَأْمُورَانِ بِالتَّأَخُّرِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَبِتَأْوِيلِنَا يَقُومُ فَيُصَلِّي يَشْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُصَلِّيَ جَالِسًا.

(فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الرَّجُلَيْنِ (قَامَتْ خَلْفَهُمَا) وَلَا تَقِفُ فِي صَفِّهِمَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «صَلَّيْت أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا» وَالْيَتِيمُ حَمْزَةُ وَالْعَجُوزُ أُمُّ سُلَيْمٍ. (فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ وَالْمَرْأَةِ بِقَرِينَةِ اسْمِ كَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ إلَّا الْإِمَامُ وَالْمَرْأَةُ (رَجُلٌ) وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ الْقُرْبَةَ (صَلَّى) الرَّجُلُ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ (عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَالْمَرْأَةُ) تُصَلِّي (خَلْفَهُمَا) لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِ وَبِأُمِّهِ أَوْ خَالَتِهِ وَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْقِلُ الصَّلَاةَ وَأَقَامَ الْمَرْأَةَ خَلْفَنَا» وَحُكْمُ جَمَاعَةِ النِّسْوَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَالرَّجُلِ حُكْمُ الْوَاحِدَةِ مَعَهُمَا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، وَإِلَى هَذَا كُلِّهِ قَالَ خَلِيلٌ مُشَبِّهًا فِي الْمَنْدُوبِ: كَوُقُوفِ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَاثْنَيْنِ خَلْفَهُ وَصَبِيٍّ عَقَلَ الْقُرْبَةَ كَالْبَالِغِ وَالنِّسَاءِ خَلْفَ الْجَمِيعِ.

(وَمَنْ صَلَّى بِزَوْجَتِهِ) الْمُرَادُ بِامْرَأَةٍ وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً (قَامَتْ خَلْفَهُ) وَلَا تَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَوْ وَقَفَتْ بِجَنْبِهِ كَالرَّجُلِ كُرِهَ لَهَا ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُشِيرَ لَهَا بِالتَّأْخِيرِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْمُحَاذَاةِ إلَّا أَنْ يَحْصُلُ مَا يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ.

١ -

(تَنْبِيهٌ) : لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ كَخَلِيلٍ حُكْمُ وُقُوفِ الْخُنْثَى، وَيَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ رِجَالٍ كَالْأُنْثَى، وَأَمَّا مَعَ رِجَالٍ وَإِنَاثٍ فَيَقِفُ خَلْفَ الرِّجَالِ وَالْأُنْثَى الْمُحَقَّقَةُ خَلْفَهُ، هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَحَرَّرَهُ.

(وَالصَّبِيُّ إنْ صَلَّى مَعَ رَجُلٍ وَاحِدٍ خَلْفَ الْإِمَامِ) الْمُرَادُ اقْتَدَيَا بِهِ (فَإِمَّا خَلْفَهُ) كَالْبَالِغِينَ لَكِنْ بِشَرْطِ (إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ) الْقُرْبَةَ بِحَيْثُ (لَا يَذْهَبُ وَيَدْعُ مَنْ يَقِفُ مَعَهُ) قَالَ خَلِيلٌ: وَصَبِيٌّ عَقَلَ الْقُرْبَةَ كَالْبَالِغِ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَعْقِلُ فَيَتْرُكُهُ الْإِمَامُ يَقِفُ كَيْفَ شَاءَ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ وَكَذَا الْوُقُوفَ خَلْفَ الْإِمَامِ مُسْتَحَبٌّ، وَخِلَافُهُ مَكْرُوهٌ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ وَمُحَاذَاتِهِ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ.

١ -

الثَّانِي: مِمَّا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ وَاتِّصَالُهَا، وَيُكْرَهُ عَدَمُ تَسْوِيَتِهَا أَوْ تَقْطِيعُهَا، وَكَذَلِكَ لَا يُشْرَعُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي إلَّا بَعْدَ كَمَالِ الْأَوَّلِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْأَوَّلِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ، وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِالْمَقْصُورَةِ أَوْ الْمِنْبَرِ، وَسَوَاءٌ قَرُبَ صَاحِبُهُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ بَعُدَ عَنْهُ، وَيُسْتَحَبُّ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ قَالَ خَلِيلٌ: وَإِيقَاعُ الْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ لِخَبَرِ: «إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ثَلَاثًا عَلَى أَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَوَاحِدَةً مَنْ يَلِيهِ» وَيَحْصُلُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عِنْدَنَا وَلَوْ صَلَّى فِي غَيْرِ الصَّفِّ اخْتِيَارًا، وَإِنَّمَا يَفُوتُهُ ثَوَابُ الصَّلَاةِ فِي الصَّفِّ حَيْثُ تَرَكَ الدُّخُولَ فِيهِ اخْتِيَارًا لَا لِضَرُورَةٍ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهُ لِنِيَّةِ الدُّخُولِ فِيهِ لَوْلَا الْمَانِعُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ خَلْفَ صَفٍّ أَيْ يَحْصُلُ مَعَهَا فَضْلُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ كُرِهَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الدُّخُولِ فِي الصَّفِّ

(وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ) وَهُوَ الَّذِي نَصَّبَهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ أَوْ يُكْرَهُ أَوْ نَصَّبَهُ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ وَإِنْ كَانَ بِمَكْرُوهٍ، وَكَذَلِكَ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لِوُجُوبِ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ، وَإِنْ أَمَرَ بِمَكْرُوهٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» فَإِنَّهُ يَقْتَضِي بِمَفْهُومِهِ أَنَّ طَاعَةَ السُّلْطَانِ وَاجِبَةٌ فِي أَمْرِهِ بِالْمَكْرُوهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّاتِبُ مَنْصُوبًا فِي مَسْجِدٍ أَوْ سَفِينَةٍ أَوْ فِي مَكَان جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْجَمْعِ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ أَوْ بَعْضِهَا.

(إنْ صَلَّى وَحْدَهُ) فِي مَكَانِهِ الَّذِي نُصِّبَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ (قَامَ مَقَامَ الْجَمَاعَةِ) فِي حُصُولِ فَضْلِهَا لَهُ وَهُوَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ أَوْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً زِيَادَةً عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ، فَتَصِيرُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ أَوْ سِتَّةً وَعِشْرِينَ، وَجَعَلْنَا التَّمْيِيزَ صَلَاةً؛ لِأَنَّهَا الْمُرَادَةُ بِالْجُزْءِ أَوْ الدَّرَجَةِ فِي الْحَدِيثِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ كَجَمَاعَةٍ فَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ لِحُصُولِ الْفَضْلِ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَجْمَعَ فِي مَحَلِّهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ لَيْلَةَ الْمَطَرِ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَقِيلَ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي قِيَامِهِ مَقَامَ الْجَمَاعَةِ صَلَاتُهُ فِي وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ وَانْتِظَارُ النَّاسِ عَلَى الْعَادَةِ وَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ.

قَالَ سَنَدٌ: إذَا أَقَامَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ لَمْ يَنْدُبْ لَهُ طَلَبُ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ.

(وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (فِي كُلِّ مَسْجِدٍ) أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا (لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ) عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّمْنَا (أَنْ تُجْمَعَ فِيهِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ) قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَكْرُوهِ: وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>