للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِوَى ذَلِكَ فَوَاسِعٌ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَهُ، وَبَعْدَهُ أَحْسَنُ

وَكُلُّ سَهْوٍ سَهَاهُ الْمَأْمُومُ فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ إلَّا رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً أَوْ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْوَاجِبُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ أَنْ (لَا يَفْعَلَ) وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا (إلَّا بَعْدَ فِعْلِهِ) أَيْ الْإِمَامِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاجِدًا ثُمَّ نَقَعَ سُجُودًا بَعْدَهُ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عُمُومُ التَّأَخُّرِ عَنْ الْإِمَامِ حَتَّى فِي الرُّكُوعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقِيلَ: يَشْرَعُ مَعَهُ فِي الرُّكُوعِ وَهُوَ لِمَالِكٍ أَيْضًا، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ، وَأَمَّا فِيهِ فَمُتَّفَقٌ عَلَى طَلَبِ التَّأَخُّرِ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الْإِمَامُ قَائِمًا، فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ وَلَا يَفْعَلُ إلَّا بَعْدَ فِعْلِهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ، فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْأَوَّلَ نَهَى فِيهِ عَنْ السَّبَقِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: وَلَا يَفْعَلُ إلَّا بَعْدَ فِعْلِهِ نَهَى فِيهِ عَنْ الْمُصَاحَبَةِ الَّتِي كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ جَوَازُهَا.

(تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَبْقُ الْإِمَامِ وَلَا مُصَاحَبَتُهُ فِي فِعْلِ رُكْنٍ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَحُكْمُ السَّبْقِ الْحُرْمَةُ وَالْمُصَاحَبَةِ الْكَرَاهَةُ، وَأَمَّا التَّأَخُّرُ عَنْهُ حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَى رُكْنٍ آخَرَ فَحَرَامٌ، وَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى الْإِمَامِ فِي السَّبْقِ فِي الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ،

وَأَمَّا هُمَا فَأَشَارَ إلَى الْإِحْرَامِ بِقَوْلِهِ: (وَ) يَجِبُ عَلَى مُرِيدِ الِاقْتِدَاءِ أَنْ (يَفْتَتِحَ) أَيْ يُكَبِّرَ لِلْإِحْرَامِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَهَذَا خَبْرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ الْإِمَامِ، فَإِنْ افْتَتَحَ الْمَأْمُومُ الْإِحْرَامَ قَبْلَ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ خَتَمَهُ بَعْدَهُ، وَكَذَا إنْ صَاحَبَهُ فِي افْتِتَاحِهِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ خَتْمُهُ، وَأَمَّا إنْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْمَأْمُومِ وَلَوْ بِحَرْفٍ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فِي خَتْمِهِ، وَكَذَا إنْ صَاحَبَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَبْطُلُ إنْ خَتَمَهُ قَبْلَهُ، فَالصُّوَرُ تِسْعٌ، تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فِي سَبْعٍ وَتَصِحُّ فِي صُورَتَيْنِ، وَلَا فَرْقَ فِي صُورَةِ الْبُطْلَانِ مِنْ وُقُوعِ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: إذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ إحْرَامَهُ سَابِقٌ عَلَى إحْرَامِ إمَامِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَهُ فَقَالَ مَالِكٌ: يُكَبِّرُ وَلَا يُسَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ لِمُخَالَفَتِهِ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ التَّأْخِيرِ عَنْ الْإِمَامِ، خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي قَوْلِهِ يُسَلِّمُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا أَوْ شَكَّ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَهَذَا إنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ يَقْطَعُ بِسَلَامٍ، وَإِلَّا كَبَّرَ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى سَلَامٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي أَوَّلِ بَابِ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ.

(وَ) يُطْلَبُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنْ (يَقُومَ مِنْ اثْنَتَيْنِ بَعْدَ قِيَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ، وَهَذَا أَيْضًا خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقُومَ مِنْ اثْنَتَيْنِ إلَّا بَعْدَ اسْتِقْلَالِ إمَامِهِ وَيَحْرُمُ سَبْقُهُ وَتُكْرَهُ مُصَاحَبَتُهُ كَمَا قَدَّمْنَا

، وَأَشَارَ إلَى حُكْمِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ: (وَ) يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ لَا (يُسَلِّمَ) إلَّا (بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ.

قَالَ خَلِيلٌ: فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَمُتَابَعَةٌ فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ، فَإِنْ شَرَعَ فِي السَّلَامِ قَبْلَ إمَامِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ، وَمِثْلُ السَّبْقِ الْمُصَاحَبَةُ فِي ابْتِدَائِهِ تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ خَتْمُهُ عَنْ الْإِمَامِ، أَمَّا لَوْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ فِي ابْتِدَائِهِ وَلَوْ بِحَرْفٍ فَهَذَا إنَّمَا يُبْطِلُ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ إنْ خَتَمَ قَبْلَ الْإِمَامِ لَا إنْ تَأَخَّرَ عَنْ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ صَاحَبَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَالصُّوَرُ تِسْعٌ كَصُوَرِ الْإِحْرَامِ تَبْطُلُ فِي سَبْعٍ وَتَصِحُّ فِي صُورَتَيْنِ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي سَبْعٍ: السَّلَامُ إنْ وَقَعَ السَّلَامُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ مَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ أَوْ الْجَهْلِ، وَأَمَّا لَوْ سَبَقَهُ سَهْوُ الْأَمْرِ بِالسَّلَامِ بَعْدَ الْإِمَامِ، لَمْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ بَعْدَ سَلَامِهِ.

(وَمَا سِوَى ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الِافْتِتَاحِ بِالْإِحْرَامِ وَالْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَالتَّأَخُّرِ بِالسَّلَامِ (فَوَاسِعٌ) أَيْ لَا حَرَجَ عَلَى الْمَأْمُومِ فِي (أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ (وَ) لَكِنَّ فِعْلَهُ (بَعْدَهُ أَحْسَنُ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ.

(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الْمُسَاوَاةِ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ كَلَامُ خَلِيلٍ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ كَرَاهَةُ الْمُسَاوَاةِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَفِيهِمَا مُبْطِلَةٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِوَاسِعٍ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فَلَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: وَبَعْدَهُ أَحْسَنُ بِمَعْنَى مُسْتَحَبٍّ فَأَفْعَلُ. لَيْسَ عَلَى بَابِهِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْإِمَامِ فِي كُلِّ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَيَحْرُمُ سَبْقُهُ فِي جَمِيعِهَا، وَكَذَا مُصَاحَبَتُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِمَا، وَأَمَّا السَّبْقُ فِي غَيْرِهِمَا عَمْدًا فَحَرَامٌ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا الْمُسَاوَاةُ فَمَكْرُوهَةٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمُتَابَعَةٌ فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ، فَالْمُسَاوَاةُ، وَإِنْ شَكَّ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ مُبْطَلَةٌ لَا الْمُسَاوَاةُ كَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ سَبْقَهُ مَمْنُوعٌ وَإِلَّا كُرِهَ.

(وَكُلُّ سَهْوٍ سَهَاهُ الْمَأْمُومُ) فِيمَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ إمَامُهُ فِي حَالِ اقْتِدَائِهِ (فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ) كَالتَّكْبِيرِ وَلَفْظِ التَّشَهُّدِ وَزِيَادَةِ سَجْدَةٍ أَوْ رُكُوعٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْوَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا سَهَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ عَنْ شَيْءٍ فَلَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ بَلْ يَسْجُدُ لَهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِلسَّهْوِ فِي كَلَامِهِ كَخَلِيلٍ بَلْ يُحْمَلُ عَنْهُ بَعْضُ عَمْدٍ كَتَرْكِ التَّكْبِيرِ أَوْ لَفْظِ التَّشَهُّدِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>