للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُعِدْ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ تَطَاوَلَ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ

وَمَنْ صَلَّى عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ مِنْ حَصِيرٍ وَبِمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ نَجَاسَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَالْمَرِيضُ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْمُنْدَرِجَةُ فِي الْغُسْلِ تُفْعَلُ مَرَّةً، وَأَمَّا الْوُضُوءُ السَّابِقُ عَلَى الْغُسْلِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْوُضُوءِ.

الثَّالِثُ: قَالَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: اعْلَمْ أَنَّ تَارِكَ الْمُوَالَاةِ وَتَارِكَ بَعْضِ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَالْمُنَكِّسَ سَوَاءٌ فِي إعَادَةِ مَا حَصَلَ فِيهِ الْخَلَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ وَحْدَهُ إنْ حَصَلَ الْبُعْدُ، وَفِي إعَادَتِهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ عِنْدَ الْقُرْبِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ.

الرَّابِعُ: يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ ذَكَرَ مِنْ وُضُوئِهِ شَيْئًا النِّيَّةَ فَإِنَّهُ إذَا ذَكَرَهَا أَوْ شَكَّ فِي تَرْكِهَا يَبْتَدِئُ الْوُضُوءَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلُ طُولٌ وَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِمَّا فَعَلَهُ دُونَ تَحَقُّقِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ لِدَاعِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا إذَا كَانَ صَلَّى قَبْلَ فِعْلِ الْمَتْرُوكِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ تَرْكِ بَعْضِ مَفْرُوضَاتِ الْوُضُوءِ مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ غَيْرِهِ وَقَبْلَ فِعْلِهِ (أَعَادَ صَلَاتَهُ أَبَدًا) إنْ كَانَتْ مَفْرُوضَةً لِفِعْلِهَا قَبْلَ تَمَامِ طَهَارَتِهِ.

(وَ) أَعَادَ (وُضُوءَهُ) إنْ كَانَ طَوَّلَ مَعَ الْعَمْدِ أَوْ الْعَجْزِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّرْكُ نِسْيَانًا أَوْ إكْرَاهًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ صَلَاتَهُ بَعْدَ بِنَائِهِ عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ وَبِالصَّلَاةِ، وَأَشَارَ إلَى حُكْمِ تَرْكِ غَيْرِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَمَنْ ذَكَرَ مِنْ وُضُوئِهِ شَيْئًا مِمَّا هُوَ فَرِيضَةٌ فَقَالَ: (وَإِنْ ذَكَرَ) مِنْ وُضُوئِهِ بَعْدَ تَمَامِهِ شَيْئًا مِمَّا لَيْسَ فَرِيضَةً بَلْ (مِثْلَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ) بَلْ (وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ سُنَّةٌ، وَلَمْ يُنِبْ عَنْهُ غَيْرَهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ مُوجِبًا لِتَكْرِيرِ الْمَسْحِ (فَإِنْ كَانَ) التَّذَكُّرُ (قَرِيبًا فَعَلَ ذَلِكَ) الْمَنْسِيَّ اسْتِنَانًا حَيْثُ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَلَوْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَ قُرْبَةٍ، لَا إنْ كَانَ مُرَادُهُ نَقْضَ طَهَارَتِهِ.

(وَلَمْ يُعِدْ مَا بَعْدَهُ) سَوَاءٌ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَسَوَاءٌ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّنَنِ فِيمَا بَيْنَهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ مَنْدُوبٌ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ وَجْهِهِ، وَمِثْلُ تَحَقُّقِ النِّسْيَانِ الشَّكُّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَحًا (وَإِنْ تَطَاوَلَ) أَيْ بَعُدَ مَا بَيْنَ وُضُوئِهِ وَتَذَكُّرِهِ (فَعَلَ ذَلِكَ) الْمَنْسِيَّ وَحْدَهُ (لِمَا يُسْتَقْبَلُ) مِنْ الصَّلَوَاتِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ وَبِالصَّلَاةِ وَسُنَّةً فَعَلَهَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ، كَأَنْ يُذْكَرُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَنَّهُ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ السُّنَنِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَذَا الْوُضُوءِ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ فِعْلُ السُّنَّةِ الْمَتْرُوكَةِ، وَمِثْلُ الصَّلَاةِ الطَّوَافُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأُجْهُورِيُّ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ مَعَ الْقُرْبِ يَفْعَلُ الْمَتْرُوكَ مِنْ السُّنَنِ حَيْثُ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ وَلَا غَيْرَهَا، وَأَمَّا مَعَ الطُّولِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِعْلُهُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ أَوْ الطَّوَافَ، وَقَيَّدْنَا بِاَلَّتِي لَمْ يُنِبْ عَنْهَا غَيْرَهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الِاسْتِنْثَارِ، وَمِثْلُهُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ نَابَ عَنْهُمَا غَيْرُهُمَا، وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ رَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَكْرَارَ الْمَسْحِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ، وَكَذَا تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ عَلَى مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ خِلَافًا لِلزَّرْقَانِيِّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ أَوْ الِاسْتِنْشَاقَ وَذَكَرَهُمَا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي غَسْلِ وَجْهِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ فِيهِ، وَالرَّاجِحُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ: أَنَّهُ يَفْعَلُ الْمَضْمَضَةَ أَوْ الِاسْتِنْشَاقَ، وَلَا يُؤَخِّرُ إلَى تَمَامِ الْوُضُوءِ، وَإِذَا كَانَ التَّذَكُّرُ بَعْدَ تَمَامِ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا يُعِيدُهُ، وَإِذَا كَانَ فِي أَثْنَائِهِ كَمَّلَهُ وَيَتَمَضْمَضُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مِنْ فَرْضٍ إلَى سُنَّةٍ، وَأَمَّا الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ فَقَالَ: يُكَمِّلُ الْوُضُوءَ وَيَفْعَلُ السُّنَّةَ الْمَتْرُوكَةَ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ، وَكُلٌّ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ وَالذَّخِيرَةِ مَفْرُوضٌ فِي النَّاسِي، وَأَمَّا الْعَامِدُ فَيَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ يَفْعَلُ السُّنَّةَ الْمَتْرُوكَةَ سَرِيعًا وَلَا يُؤَخِّرُهَا إلَى تَمَامِ الْوُضُوءِ، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ: وَيَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَمَفْرُوضٌ فِي حَالِ الطُّولِ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ كَمَا عَلِمْت.

(وَ) إذَا كَانَ قَدْ صَلَّى بِهَذَا الْوُضُوءِ الْمَتْرُوكِ بَعْضَ سُنَنِهِ (لَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى بِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ) الْمَتْرُوكَ مِنْ السُّنَنِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا حَيْثُ كَانَ تَرْكُهَا نِسْيَانًا، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا وَلَوْ جَمِيعَ السُّنَنِ، وَصَلَّى فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ جَرَى فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ خِلَافٌ، لِانْحِطَاطِ رُتْبَةِ سُنَنِ الْوَسِيلَةِ عَنْ سُنَنِ الْمَقْصِدِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَقَالَ فِي الْوُضُوءِ: «تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ» وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِسَاطِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا النَّاسِي فَلَا يُعِيدُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَخَلِيلٍ فِي تَرْكِ السُّنَنِ: لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ حَيْثُ فُعِلَتْ فِي الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَأَمَّا لَوْ انْدَرَجَتْ فِي الْغُسْلِ فَلَا يَفْعَلُ مَا تَرَكَهُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ، كَذَا يَنْبَغِي فِي تَرْكِ السُّنَنِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ حُصُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>