للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا كَالرَّجُلِ مِنْ عَشِيرَتِهَا أَوْ السُّلْطَانِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الدَّنِيَّةِ أَنْ تُوَلِّيَ أَجْنَبِيًّا.

وَالِابْنُ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْفَسَادُ، أَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً لَا مَالَ لَهَا وَلَا مُنْفِقَ.

قَالَ خَلِيلٌ بَعْدَ النَّصِّ عَلَى الْمُجْبِرِينَ: ثُمَّ لَا جَبْرَ فَالْبَالِغُ إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَبَلَغَتْ عَشْرًا وَشُووِرَ الْقَاضِي، وَالْمُرَادُ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْقَاضِي مُوجِبَاتُ التَّزْوِيجِ، وَتَأْذَنَ لِلْوَلِيِّ بِالْقَوْلِ، وَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ كُفُؤًا لَهَا مِنْ جِهَةِ الدِّينِ وَالنَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ، وَكَوْنُ الصَّدَاقِ صَدَاقَ مِثْلِهَا، وَتَرْضَى بِالزَّوْجِ، فَإِنْ زُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِ تِلْكَ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا فُسِخَ نِكَاحُهَا إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ مَعَ الطُّولِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ فِيهِ الْأَوْلَادَ، وَمِثْلُ الْيَتِيمَةِ مَجْهُولَةُ الْأَبِ لِغُرْبَتِهَا بِالْجَلَاءِ فَيُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ بِشُرُوطِ الْيَتِيمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا لَوْ خِيفَ عَلَى الْيَتِيمَةِ الضَّيَاعُ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ فَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ: لَا خِلَافَ أَنَّهَا تُزَوَّجُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَجْهُولَةَ الْأَبِ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُمَا ذَاتُ الْأَبِ الَّتِي يَقْطَعُ عَنْهَا النَّفَقَةَ وَيَغِيبُ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَيَخْشَى عَلَيْهَا الضَّيَاعَ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لَا غَيْرُهُمَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ الْعَشْرَ وَإِلَّا أَذِنَتْ بِالْقَوْلِ، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.

الثَّانِي: يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا أَبْكَارٌ سَبْعٌ لَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهِنَّ.

الْأُولَى: الْبِكْرُ الْمُرْشِدَةُ بَعْدَ بُلُوغِهَا لَا يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَأَوْلَى غَيْرُهُ إلَّا بِرِضَاهَا بِنُطْقِهَا.

الثَّانِيَةُ: الْمَعْضُولَةُ تَرْفَعُ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فَيَأْمُرُ الْحَاكِمُ وَلِيَّهَا بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا أَوْ يَعْقِدُ لَهَا الْحَاكِمُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ أَبٍ وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِإِنْكَاحِهَا فَلَا تَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا لِبَقَاءِ جَبْرِهِ.

الثَّالِثَةُ: الَّتِي تُزَوَّجُ بِعَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَلَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِي الْبَلَدِ بِدَفْعِهِ صَدَاقًا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ مُشْتَرِيَةٌ، وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لَا يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الصَّمْتِ.

الرَّابِعَةُ: الَّتِي زُوِّجَتْ بِرَقِيقٍ وَلَوْ بَعْضَهُ وَلَوْ رَقِيقَ أَبِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا وَلَوْ كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهَا أَبَاهَا، وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَبْدَ كُفُؤٌ لِلْحُرَّةِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِعَبْدِ أَبِيهَا لِمَا يَلْحَقُهَا عِنْدَ تَزَوُّجِهَا بِعَبْدِ أَبِيهَا مِنْ الْمَعَرَّةِ.

الْخَامِسَةُ: الَّتِي تُزَوَّجُ بِنَحْوِ خَصِيٍّ مِنْ كُلِّ ذِي عَيْبٍ يُوجِبُ لَهَا الْخِيَارَ بِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَوْ كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهَا أَبًا كَمَا تَقَدَّمَ.

السَّادِسَةُ: الْيَتِيمَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ ذَاتُ الشُّرُوطِ.

السَّابِعَةُ: الْمُفْتَاتُ عَلَيْهَا وَهِيَ الَّتِي يَعْقِدُ لَهَا نَحْوُ أَخِيهَا بِدَعْوَى إذْنِهَا ثُمَّ يَسْتَأْذِنُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا، وَيَتَنَاوَلُ هَذَا جَمِيعَ الْمَذْكُورَاتِ إذَا زُوِّجْنَ بِغَيْرِ إذْنٍ ثُمَّ يُسْتَأْذَنَّ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَلَا يَمْضِي نِكَاحُهُنَّ إلَّا بِرِضَاهُنَّ بِالْقَوْلِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْعَقْدِ فِي الْبَلَدِ وَكَوْنِ الْمُزَوَّجَةِ فِي الْبَلَدِ أَيْضًا، وَأَنْ يَقْرُبَ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْإِجَازَةِ، وَأَنْ لَا يُقِرَّ الْعَاقِدُ بِالِافْتِيَاتِ حَالَ الْعَقْدِ، وَأَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهَا رَدٌّ قَبْلَ الرِّضَا، وَأَنْ لَا يَحْصُلَ الِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ مَعَ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا، وَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْهَا فُسِخَ الْعَقْدُ أَبَدًا، وَمِثْلُ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْمَرْأَةِ الِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْأَبْكَارِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِنَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الثَّيِّبَاتِ الْغَيْرِ الْمُلْحَقَاتِ بِالْأَبْكَارِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُزَوِّجُ الثَّيِّبَ) الْحُرَّةَ الَّتِي لَا تُجْبَرُ (أَبٌ وَلَا غَيْرُهُ) مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهَا وِلَايَةٌ (إلَّا بِرِضَاهَا وَتَأْذَنُ بِالْقَوْلِ) لِخَبَرِ: «الثَّيِّبُ يُعْرِبُ عَنْهَا لِسَانُهَا» وَقَيَّدْنَا بِاَلَّتِي لَا تُجْبَرُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ وَمِنْ أُلْحِقَ بِهَا مِمَّنْ تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ فَلَا تُسْتَأْذَنُ، وَبِالْحُرَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْأَمَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُجْبِرُهَا، وَفِيمَا قَدَّمْنَاهُ مَا يُغْنِي عَنْ الْإِطَالَةِ هُنَا.

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ اعْتِبَارِ رِضَا الثَّيِّبِ الْمَذْكُورَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اسْتِئْذَانِ الْوَلِيِّ قَالَ: (وَلَا) يَجُوزُ بِمَعْنَى يَحْرُمُ أَنْ (تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ) الشَّرِيفَةُ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ (إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا) الْخَاصِّ كَأَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا (أَوْ) بِإِذْنِ (ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا) وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ: (كَالرَّجُلِ مِنْ عَشِيرَتِهَا) أَيْ عَصَبَتِهَا مِنْ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ كَالْمَوْلَى الْأَعْلَى وَعَصَبَتِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ.

قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْأُجْهُورِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِذِي الرَّأْيِ الْمُسْتَوْفِي شُرُوطَ الْوَلِيِّ السِّتَّةَ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا وَهِيَ: الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الْإِحْرَامِ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ، انْتَهَى لَفْظُهُ وَلِي فِيهِ وَقْفَةٌ، إذْ شُرُوطُ الْوَلِيِّ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ فِي كُلِّ الْمَسَائِلِ، وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ سَيِّدًا أَوْ أَبًا، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِذِي الرَّأْيِ الْكَامِلُ فِي الْعَقْلِ، وَجَزَالَةُ الرَّأْيِ بِمَعْرِفَةِ مَنْ يَصْلُحُ لِلنِّكَاحِ بِالْمُزَوَّجَةِ، وَلِذَا قَالَ التَّتَّائِيُّ: وَذُو الرَّأْيِ مَنْ تُرَدُّ إلَيْهِ الْأُمُورُ يَعْنِي الْمُشْكِلَاتِ وَيُشَاوِرُ فِيهَا لِأَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا تَعَدَّدَتْ وَتَسَاوَتْ مَرْتَبَتُهَا وَحَصَلَ تَنَازُعٌ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ فَيُقَدِّمُهُ، الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَإِنْ تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ فِي الْعَقْدِ أَوْ الزَّوْجُ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي الْأَصْلَحِ لِمُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ لِجَزَالَةِ رَأْيِهِ وَحُسْنِ دِينِهِ وَعِلْمِهِ بِالْمَصَالِحِ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: عِنْدَ تَنَازُعِهِمْ فِي الْعَقْدِ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْفَضْلِ فَيُقَدَّمُ الْأَسَنُّ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي السِّنِّ أَيْضًا زَوَّجَ الْجَمِيعَ، وَفِي تَنَازُعِهِمْ فِي الزَّوْجِ يُقَدَّمُ الْأَصْلَحُ مِنْ الْأَزْوَاجِ لِلزَّوْجَةِ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي وَجْهِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ فَقِيلَ: مَحْضُ تَعَبُّدٍ، وَقِيلَ: لِدَفْعِ الْمَعَرَّةِ الَّتِي تَلْحَقُ الْوَلِيَّ إنْ زَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، وَعَلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ الْعَصَبَةُ، فَإِنْ قِيلَ: الرَّجُلُ مِنْ عَشِيرَتِهَا وَلِيٌّ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهِ حِينَئِذٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِيِّهَا؟ فَالْجَوَابُ: يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرْنَا وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلِيِّ أَكِيدُ الْقَرَابَةِ كَأَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا، وَيُرَادُ بِالرَّجُلِ مِنْ عَشِيرَتِهَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ عَصَبَةِ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ وَمَا يَلِيهِمْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>