للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرِيضِ وَيُفْسَخُ وَإِنْ بَنَى فَلَهَا الصَّدَاقُ فِي الثُّلُثِ مُبَدَّأً وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَوْ طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَكَانَ لَهَا

ــ

[الفواكه الدواني]

لَمْ يُحِلَّهَا لِأَنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَا يُحِلُّهَا إلَّا نِكَاحُ الرَّغْبَةِ وَهُوَ النِّكَاحُ عَلَى قَصْدِ الدَّوَامِ.

قَالَ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَحْرَمِ وَالْمَبْتُوتَةِ: حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرَهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا مُسْلِمًا، وَأَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا لَازِمًا، وَيَطَؤُهَا مُبَاحًا بِلَا مَنْعٍ وَلَا نُكْرَةَ فِيهِ بِانْتِشَارٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ وَعِلْمِ خَلْوَةٍ وَلَوْ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ، وَعِلْمِ زَوْجَةٍ بِالْوَطْءِ فَلَا تَحِلُّ بِوَطْئِهَا فِي حَالِ نَوْمِهَا أَوْ جُنُونِهَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا، بِخِلَافِ لَوْ وَطِئَهَا حَالَ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ حَيْثُ كَانَتْ عَاقِلَةً، لِأَنَّ الْحِلْيَةَ وَعَدَمَهَا مِنْ أَوْصَافِهَا فَلِذَا اُعْتُبِرَ عِلْمُهَا فَقَطْ، وَحُصُولُ الْحِلِّ بِوَطْءِ الْمَجْنُونِ لَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ عَاقِلًا زَمَنَ الْعَقْدِ حَتَّى يَتَأَتَّى كَوْنُ النِّكَاحِ رَغْبَةً، وَيَحْصُلُ التَّحْلِيلُ مَعَ وُجُودِ تِلْكَ الشُّرُوطِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ خَصِيًّا أَوْ عَبْدًا وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُسَيْلَةِ فِي الْحَدِيثِ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ، وَالْمُوجِبُ لِلْفَسَادِ إنَّمَا هُوَ قَصْدُ الزَّوْجِ، وَأَمَّا قَصْدُ الْمَبْتُوتَةِ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ الْبَاتِّ لَهَا فَهُوَ لَغْوٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَنِيَّةُ الْمُطَلَّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ أَيْ لَا تُوجِبُ فَسَادًا وَلَا تُنَافِي الْحِلْيَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الْحِلْيَةُ إلَّا بِثُبُوتِ النِّكَاحِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، وَعِلْمِ الْخَلْوَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُنَاكَرَةٌ لِلْوَطْءِ فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ طَارِئَةً وَالْبَاتُّ لَهَا حَاضِرٌ عِنْدَنَا وَادَّعَتْ التَّزْوِيجَ الْمُوجِبَ لِحِلِّهَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ لِمَشَقَّةِ الْإِثْبَاتِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ بِالْبَلَدِ فَتُصَدَّقُ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً، وَأَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا وَدَعْوَاهَا التَّزْوِيجَ بِحَيْثُ يَكُونُ الزَّمَانُ يُمْكِنُ أَنْ تَمُوتَ فِيهِ الشُّهُودُ وَالْعَارِفُونَ بِالنِّكَاحِ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَيَنْدَرِسُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مَأْمُونَةً وَلَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ فَقَوْلَانِ فِي تَصْدِيقِ الْمَرْأَةِ وَعَدَمِ تَصْدِيقِهَا، فَقَوْلُهُمْ: لَا بُدَّ فِي الْإِحْلَالِ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْخَلْوَةِ، وَاتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ مَخْصُوصٌ بِهَذِهِ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ لِدَاعِي الْحَاجَةِ

(وَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ (نِكَاحُ الْمُحْرِمِ) وَلَوْ بِعُمْرَةٍ (لِنَفْسِهِ وَلَا) يَصِحُّ أَنْ (يَعْقِدَ نِكَاحًا لِغَيْرِهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَمَنَعَ إحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ: الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ، فَلَا يُقْبَلُ الزَّوْجُ وَلَا تَأْذَنُ الزَّوْجَةُ وَلَا يُجِيبُ الْوَلِيُّ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَلَا يُوَكِّلُونَ وَلَا يُجِيزُونَ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ وَقْتُ الْعَقْدِ، فَإِذَا صَدَرَ الْعَقْدُ وَوَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُحْرِمٌ كَانَ يُفْسَخُ وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَعْقِدَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْطُبَ أَوْ يَحْضُرَ نِكَاحًا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ بَاطِلًا: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ» .

وَيَسْتَمِرُّ النَّهْيُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْ حَجِّهِ أَوْ عُمْرَتِهِ، فَإِنْ عَقَدَ بَعْدَ السَّعْيِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ كَانَ عَقْدًا صَحِيحًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ وَقَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ إنْ قَرُبَ لَا إنْ بَعُدَ وَهَذَا فِي الْحَجِّ، وَأَمَّا فِي الْعُمْرَةِ فَيَصِحُّ بَعْدَ تَمَامِ سَعْيِهَا، وَيُنْدَبُ تَأَخُّرُهُ حَتَّى يَحْلِقَ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْحَجِّ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَدَمُ الْإِحْرَامِ زَمَنَ الْعَقْدِ، أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ بَعْضُ الثَّلَاثَةِ مُحْرِمًا وَالْجَمِيعُ مُحْرِمُونَ وَلَكِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعَقْدُ حَتَّى تَحَلَّلَ كُلٌّ مِنْهُمْ وَتَحَلَّلَ الْوَكِيلُ أَيْضًا صَحَّ الْعَقْدُ، وَإِنْ وَكَّلَ الزَّوْجُ أَوْ الْوَلِيُّ وَهُوَ حَلَالٌ شَخْصًا حَلَالًا وَلَكِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعَقْدُ حَتَّى أَحْرَمَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا.

الثَّانِي: هَذَا حُكْمُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَأَمَّا الْوَلِيُّ الْعَامُّ كَالْحَاكِمِ يَكُونُ مُحْرِمًا وَوَكَّلَ حَلَالًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ لِمُحْرِمِ السُّلْطَانِ صَحَّ عَقْدُ نَائِبِهِ الْحَلَالِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ هُوَ الْقَاضِي فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ نَائِبِهِ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ، بِخِلَافِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ، وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي أَيْضًا، فَيَكُونُ كَنَائِبِ السُّلْطَانِ فِي صِحَّةِ عَقْدِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ حَلَالًا وَإِنْ كَانَ مَنْ أَنَابَهُ مُحْرِمًا، وَمَفْهُومُ النِّكَاحِ أَنَّ شِرَاءَ الْجَوَارِي جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ مُرَاجَعَةُ الزَّوْجَةِ، وَإِنَّمَا جَازَ النِّكَاحُ لِلْمُعْتَكِفِ وَحَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مُتَلَبِّسٌ بِعِبَادَةٍ، لِأَنَّ الْمُعْتَكِفَ مَعَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْوُصُولِ لِلْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ، وَلِأَنَّ فَسَادَ الْإِحْرَامِ أَشَدُّ مِنْ فَسَادِ الِاعْتِكَافِ، وَلَمَّا كَانَ نِكَاحُ الْمَرِيضِ مُشَارِكًا لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَنْكِحَةِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ ذُكِرَ عَقِبَهُ، بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ) وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا (نِكَاحُ الْمَرِيضِ) مَرَضًا مَخُوفًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً لِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ الْوَارِثِ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

قَالَ خَلِيلٌ: وَهَلْ يَمْنَعُ مَرَضُ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفُ وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ أَوْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ خِلَافٌ.

قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ: وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَيُلْحَقُ بِالْمَرَضِ فِي الْمَنْعِ كُلُّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مِنْ حَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَمُقَرَّبٍ لِقَطْعٍ وَمَحْبُوسٍ لِلْقَتْلِ وَحَامِلِ سِتَّةٍ بِأَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا طَلَّقَهَا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ وَأَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ حَمْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا لَهَا لِأَنَّهَا مَحْجُورٌ عَلَيْهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.

(وَ) إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ أَوْ فِيهِمَا أُلْحِقَ بِهِ فَإِنَّهُ (يُفْسَخُ) وُجُوبًا (وَإِنْ بَنَى بِهَا) الزَّوْجُ (فَلَهَا) عَلَيْهِ جَمِيعُ (الصَّدَاقِ) الْمُسَمَّى حَالَةَ كَوْنِهِ (فِي الثُّلُثِ مَبْدَأً) عَلَى الْوَصَايَا بَعْدَهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>