للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَمَةِ.

فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ أَوْ مِمَّنْ قَدْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ طَلَّقَهَا مَتَى شَاءَ وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ وَتُرْتَجَعُ الْحَامِلُ مَا لَمْ تَضَعْ وَالْمُعْتَدَّةُ بِالشُّهُورِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَالْأَقْرَاءُ هِيَ الْأَطْهَارُ.

وَيُنْهَى أَنْ يُطَلِّقَ فِي الْحَيْضِ فَإِنْ طَلَّقَ لَزِمَهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

دُونَ الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ زَمَنِ حَيْضٍ (مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي) الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ (الْحُرَّةِ) وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا (أَوْ) أَيْ وَمَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ (الثَّانِيَةِ فِي) حَقِّ الزَّوْجَةِ (الْأَمَةِ) وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِدَّةِ بِالزَّوْجَةِ، فَإِنْ دَخَلَتْ الْحُرَّةُ فِي الثَّالِثَةِ وَالزَّوْجَةُ الْأَمَةُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا لِبَيْنُونَتِهَا وَحِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ، فَإِنْ قِيلَ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ؟ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ دَمَ الْحَيْضِ الْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ نَادِرٌ، فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ الْغَالِبِ، وَإِنْ فُرِضَ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ إلَى النِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ، وَإِنْ انْقَطَعَ فِي بَعْضِ يَوْمٍ رُجِعَ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ.

١ -

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْمُطَلَّقَةِ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْحَيْضِ، وَحُكْمُهَا أَنَّ لِزَوْجِهَا رَجْعَتَهَا مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الرَّابِعَةِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ الثَّالِثَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً، فَإِنْ دَخَلَتْ الْحُرَّةُ فِي الرَّابِعَةِ وَالْأَمَةُ فِي الثَّالِثَةِ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تُعَجِّلَ الزَّوَاجَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ حُصُولِ مَا يُعَدُّ حَيْضَةً فِي بَابِ الْعِدَّةِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ كَوْنُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا ابْتِدَاءً وَفَاتَ بِالدُّخُولِ وَحَصَلَ وَطْءٌ مُبَاحٌ بَعْدَ الْفَوَاتِ، فَالْبَائِنُ بِدُونِ الثَّلَاثِ لَا تَحِلُّ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَصَدَاقٍ وَرِضَا الزَّوْجَةِ كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْمُطَلَّقَةِ بِعِوَضٍ وَلَوْ مَعَ إبْرَاءٍ أَوْ لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ أَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْقَعَهُ عَلَى مُولٍ أَوْ مُعْسِرٍ فَإِنَّهُ رَجْعِيٌّ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ صِفَةَ الرَّجْعَةِ الْكَامِلَةِ وَهِيَ مَا كَانَتْ بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْلِ، كَارْتَجَعْتُ زَوْجَتِي، وَأَعَدْت حِلَّهَا لِعِصْمَتِي، وَهَذِهِ رَجْعَةٌ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ بِالْقَوْلِ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فَتَصِحُّ وَذَلِكَ كَارْتَجَعْتُ زَوْجَتِي مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، لَكِنْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ، وَصَحَّحَ ابْنُ رُشْدٍ الرَّجْعَةَ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ لَكِنْ فِي الْبَاطِنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْقَوْلُ مُحْتَمِلًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ رَجْعَةٍ فَلَا يَكْفِي فِي الرَّجْعَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ: أَعَدْت حِلَّهَا أَوْ رَفَعْت التَّحْرِيمَ عَنْهَا، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَفَعْت تَحْرِيمَهَا عَلَى الْغَيْرِ، وَأَشَارَ خَلِيلٌ إلَى جَمِيعِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ حَلَّ وَطْؤُهُ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتهَا، أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ، أَوْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ وَلَوْ هَزْلًا فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ، لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمَلٍ بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْتُ الْحِلَّ أَوْ رَفَعْت التَّحْرِيمَ، وَلَا يَفْعَلُ دُونَهَا كَوَطْءٍ، وَشَرْطُهَا أَيْضًا عِلْمُ الْخَلْوَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ، وَتَقَارُنُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُهُمَا لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَمِنْ شُرُوطِ الرَّجْعَةِ زِيَادَةً عَلَى مَا سَبَقَ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ مِنْ الْمُولِي أَنْ يَنْحَلَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ عَلَى الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ وُجُودُ الْيَسَارِ الَّذِي يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ وَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِقَوْلِ خَلِيلٍ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ: أَنَّ الرَّجْعَةَ الْكَامِلَةَ تَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالنِّيَّةِ أَوْ الْقَوْلِ الصَّرِيحِ فَقَطْ أَوْ النِّيَّةِ وَحْدَهَا عَلَى الْأَظْهَرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ زَمَنِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ لِمَنْ تَحِيضُ شَرَعَ فِي زَمَنِ بَيَانِهِ لِغَيْرِهَا بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ الَّتِي أَرَادَ زَوْجُهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا (مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ) لِصِغَرٍ (أَوْ) كَانَتْ (مِمَّنْ قَدْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ) لِكِبَرِ سِنِّهَا (طَلَّقَهَا مَتَى شَاءَ) إذْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فِي طَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ، إذْ لَا يَكُونُ الْبِدْعِيُّ مِنْهَا إلَّا الزَّائِدَ عَلَى الثِّنْتَيْنِ لِلْحُرِّ أَوْ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِلرَّقِيقِ، لِأَنَّ طَلَاقَ ذَاتِ الْأَشْهُرِ لَا يُوجِبُ تَطْوِيلَ عِدَّةٍ.

(وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ) يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَهَا زَوْجُهَا مَتَى شَاءَ لِلْأَمْنِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِالْحَيْضِ وَمِمَّنْ يَجُوزُ طَلَاقُهَا مَتَى شَاءَ الزَّوْجُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ فِي حَالِ حَيْضِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَلَمَّا كَانَتْ عِدَّةُ الْحَامِلِ وَلَوْ فِي وَفَاةِ حَمْلِهَا قَالَ: (وَتُرْتَجَعُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ (الْحَامِلُ) وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُطَلِّقِ الْحَامِلِ أَنْ يَرْتَجِعَهَا (مَا لَمْ تَضَعْ) الْحَمْلَ كُلَّهُ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَتَفُوتُ رَجْعَتُهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَمْلِ الْكَبِيرِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ دَمًا مُجْتَمِعًا، فَلَوْ وَضَعَتْ إحْدَى التَّوْأَمَيْنِ أَوْ بَعْضَ وَاحِدٍ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَوَاتُ الرَّجْعَةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَاحِقًا بِالزَّوْجِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا وَلَوْ احْتِمَالًا حَتَّى تَنْقَضِيَ بِوَضْعِهِ الْعِدَّةُ، فَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَهِيَ حَامِلٌ حَمْلًا غَيْرَ لَاحِقٍ بِهِ بِأَنْ وَضَعَتْهُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ وَتُعِدُّ نِفَاسَهَا حَيْضَةً، وَقَوْلُنَا: وَلَوْ احْتِمَالًا لِإِدْخَالِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهُ كَاللَّاحِقِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ.

(وَ) تُرْتَجَعُ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (الْمُعْتَدَّةُ بِالشُّهُورِ) إمَّا لِصِغَرِهَا أَوْ يَأْسِهَا أَوْ لِاسْتِحَاضَتِهَا، وَلَمْ تُمَيِّزْ دَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>