أَبِيهَا وَكَذَلِكَ إنْ زَوَّجَهَا أَخُوهَا وَإِنْ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ وَلَيْسَ بِقَرِيبِ الْقَرَابَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لَهَا إلَّا رُبُعُ دِينَارٍ.
ــ
[الفواكه الدواني]
وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فَكَانَ إجْمَاعًا، وَالْكَشْحُ مَا بَيْنَ الْخَاصِرَةِ إلَى الضِّلْعِ الْخَلْفِ.
(تَنْبِيهٌ) الْخِيَارُ ثَابِتٌ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي صَاحِبِهِ بِوُجُودِ أَحَدِ هَذِهِ الْعُيُوبِ وَلَوْ وُجِدَ بِمُرِيدِ الرَّدِّ مِنْهُمَا مِثْلُهُ، لِأَنَّهُ يَتَزَايَدُ بِوَاسِطَةِ الِاجْتِمَاعِ عَادَةً لَا لِتَأْثِيرِهَا، فَالْأَجْذَمُ لَهُ رَدُّ الْجَذْمَى مَثَلًا لِمَا أَجْرَى اللَّهُ مِنْ الْعَادَةِ فِي خَلْقِهِ مِنْ كَرَاهَةِ الْمَعِيبِ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرُ ذَلِكَ الْعَيْبِ قَائِمًا بِهِ، وَالْمُقْتَضِي لِلْخِيَارِ كَرَاهَةُ النَّفْسِ لِذِي الْعَيْبِ، فَالْأَبْرَصُ لَا يُحِبُّ الْأَبْرَصَ وَهَكَذَا.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْعَيْبِ الْمُخْتَصِّ بِالْمَرْأَةِ بِقَوْلِهِ: (وَ) تُرَدُّ الْمَرْأَةُ أَيْضًا مِنْ دَاءِ (الْفَرْجِ) الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ الْجِمَاعُ عُرْفًا إمَّا لِتَعَذُّرِهِ أَوْ لِعَدَمِ طِيبِ النَّفْسِ مَعَهُ، وَذَلِكَ كَرَتْقِهَا وَعَفَلِهَا وَإِفْضَائِهَا وَقَرَنِهَا وَبَخَرِهَا، (فَالرَّتْقُ) هُوَ انْسِدَادُ الْمَحَلِّ إمَّا بِاللَّحْمِ أَوْ الْعَظْمِ، وَالْعَفَلُ لَحْمٌ يَبْرُزُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ يُشْبِهُ أُدْرَةَ الرَّجُلِ وَقِيلَ رَغْوَةٌ تَحْدُثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَالْإِفْضَاءُ اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الذَّكَرِ بِمَسْلَكِ الْبَوْلِ، وَأَحْرَى اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، وَالْقَرَنُ شَيْءٌ يَبْرُزُ فِي الْفَرْجِ كَقَرْنِ الشَّاةِ، وَالْبَخَرُ هُوَ نَتْنُ الْفَرْجِ، وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ كَالِاسْتِحَاضَةِ وَحَرْقِ الْفَرْجِ وَنَتْنِ الْفَمِ وَالسَّوَادُ وَالْكِبَرُ وَالصِّغَرُ الْفَادِحُ وَالْعَمَى وَالثُّيُوبَةُ فَلَا رَدَّ بِهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ يَظُنُّهَا بِصِفَةِ ذَلِكَ.
قَالَ خَلِيلٌ: لَا يَخْلُفُ الظَّنُّ كَالْقَرَعِ وَالسَّوَادِ مِنْ بَيْضٍ وَنَتْنِ الْفَمِ وَالثُّيُوبَةِ وَالْعَوَرِ وَالْمَرَضِ وَكَوْنِهَا رَشْحَاءَ أَوْ زَلَّاءَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَبِغَيْرِهَا إنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ وَلَوْ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ عِنْدَ الْخِطْبَةِ، وَأَمَّا الْعُيُوبُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَيَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ مَنْ كَرِهَ صَاحِبُهُ مِنْ أَجْلِهَا السَّلَامَةَ مِنْهَا، وَقَدَّمْنَا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ شِدَّةِ النَّفْسِ لِلْمُتَّصِفِ بِهَا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى عُيُوبِ الزَّوْجِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِقَوْلِهِ: وَيُؤَجَّلُ الْمُعْتَرِضُ سَنَةً إلَخْ، وَأَشَارَ إلَيْهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَبِخِصَائِهِ وَجَبِّهِ وَعُنَّتِهِ وَاعْتِرَاضِهِ، فَالْخِصَاءُ قَطْعُ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ يُنْزِلْ، وَالْجَبُّ قَطْعُ الذَّكَرِ مَعَ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَحْرَى لَوْ خُلِقَ بِغَيْرِهِمَا، وَالْعُنَّةُ صِغَرُ الذَّكَرِ جِدًّا، وَلَا يُرَدُّ الزَّوْجُ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ كِبَرِ سِنٍّ أَوْ عَمًى أَوْ عَرَجٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَاهَاتِ الَّتِي تَكْرَهُهَا النَّفْسُ كَالْجَرَبِ وَالصُّنَانِ إلَّا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْهَا، لِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اشْتَرَطَتْ سَلَامَةَ الزَّوْجِ مِنْ الْكِبَرِ أَوْ الْعَمَى أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُيُوبِ غَيْرِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَجِبُ أَنْ يُوَفَّى لَهَا بِشَرْطِهَا، بَلْ هِيَ أَحْرَى مِنْ وُجُوبِ الْوَفَاءِ لِلزَّوْجِ بِشَرْطِهِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَحْبُوسَةٌ لِلرَّجُلِ بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ، وَيَدُلُّك عَلَى هَذَا أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِلزَّوْجَةِ دُونَ الزَّوْجِ وَحَرَّرَهُ.
الثَّانِي: عُلِمَ قَرَّرَنَا أَنَّ مَحَلَّ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ بِالشَّرْطِ، أَنْ يَكُونَ سَابِقًا عَلَى الْعَقْدِ، وَأَنْ لَا يَحْصُلَ مِمَّنْ يُرِيدُ الرَّدَّ عِلْمٌ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَلَا فِعْلٌ بَعْدَ الْعِلْمِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ كَتَلَذُّذٍ أَوْ طُولِ إقَامَةٍ هِيَ مَظِنَّةٌ لِلْعِلْمِ بِهِ وَإِلَّا سَقَطَ الْخِيَارُ، إلَّا الْمَرْأَةَ تَجِدُ الرَّجُلَ مُعْتَرِضًا وَتُمَكِّنُهُ مِنْ نَفْسِهَا رَاجِيَةً زَوَالَ عُذْرِهِ فَلَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا، وَتُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهَا أَنَّهَا إنَّمَا مَكَّنَتْهُ رَاجِيَةً زَوَالَ عُذْرِهِ، بِخِلَافِ زَوْجَةِ نَحْوِ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ تُمَكِّنُهُ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِعَيْبِهِ فَلَا يُقْبَلُ لَهَا كَلَامٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ إمْكَانُ زَوَالِ الِاعْتِرَاضِ مَعَ وُجُودِ آلَةِ الْوَطْءِ، بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْخَصِيِّ أَوْ الْمَجْبُوبِ تُمَكِّنُهُ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِعَيْبِهِ فَلَا يُقْبَلُ اعْتِذَارُهَا لِاسْتِحَالَةِ زَوَالِ نَحْوِ الْخِصَاءِ بِخِلَافِ الِاعْتِرَاضِ.
الثَّالِثُ: إذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ، قَالَ خَلِيلٌ: وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَسَقَطَ الْخِيَارُ لِصَاحِبِهِ.
الرَّابِعُ: بَقِيَ قِسْمٌ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِلزَّوْجَةِ دُونَ الزَّوْجِ فِي الزَّوْجَةِ وَهُوَ الْجُذَامُ أَوْ الْبَرَصُ أَوْ الْجُنُونُ الْحَاصِلُ بِالرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَيَجِبُ لِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ فِي الزَّوْجِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَهَا فَقَطْ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ قُدْرَةُ الرَّجُلِ عَلَى الْفِرَاقِ دُونَ الْمَرْأَةِ
ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ اخْتِيَارِهَا بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ الْبَالِغُ (بِهَا) أَيْ بِزَوْجَتِهِ الْمُطِيقَةِ ذَاتِ الْعَيْبِ الَّذِي تُرَدُّ بِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَعْلَمْ) بِعَيْبِهَا إلَّا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بَلْ كَفَّ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا.
(أَدَّى صَدَاقَهَا) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا جَمِيعَ مَا سَمَّاهُ لَهَا لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهُ بِالْوَطْءِ، وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ أَنَّ لَهَا الصَّدَاقَ بِالدُّخُولِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عِنِّينًا أَوْ مَجْنُونًا وَهُوَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَائِلًا: لِأَنَّ الَّذِي عَقَدَ لِأَجْلِهِ قَدْ حَصَلَ، خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ حَيْثُ قَصَرَ الْكَلَامَ عَلَى مَنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوَطْءُ الْكَامِلُ كَالْأَجْذَمِ لَا مَنْ ذَكَرُهُ صَغِيرٌ جِدًّا أَوْ لَا ذَكَرَ لَهُ كَالْمَجْبُوبِ.
(وَ) إذَا أَدَّى الزَّوْجُ الصَّدَاقَ لَهَا (رَجَعَ بِهِ) كُلِّهِ (عَلَى أَبِيهَا وَكَذَلِكَ إنْ زَوَّجَهَا أَخُوهَا) يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ الَّذِي أَدَّاهُ لَهَا، وَكُلُّ مَنْ غَرِمَ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْأَخِ الصَّدَاقَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَتَفُوزُ بِمَا قَبَضَهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَقْدَ، وَالْغَارِمُ هُوَ الْوَلِيُّ الَّذِي لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ أَمْرُهَا، وَمَفْهُومُ دَخَلَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ