وَيُؤَخَّرُ الْمُعْتَرِضُ سَنَةً فَإِنْ وَطِئَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إنْ شَاءَتْ.
وَالْمَفْقُودُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ تَرْفَعُ ذَلِكَ
ــ
[الفواكه الدواني]
السَّالِمُ بِعَيْبِ الْآخَرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفَارَقَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الصَّدَاقِ، لِأَنَّ الْعَيْبَ إنْ كَانَ بِالزَّوْجَةِ فَهِيَ غَارَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي بِالزَّوْجِ فَالْفِرَاقُ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ يُوجِبُ الرَّدَّ مُطْلَقًا أَوْ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى، وَمَعَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ عَلَى وَلِيٍّ لَمْ يَغِبْ كَابْنٍ وَأَخٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَمَا ذَكَرَهُ خَلِيلٌ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ مَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ ظَاهِرُهُ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا أَوْ بِهِ كَانَ الرَّدُّ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَمْ بِغَيْرِهِ.
وَفِي الْأُجْهُورِيِّ مَا مُحَصَّلُهُ: هَذَا إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ لِأَنَّهَا الَّتِي اخْتَارَتْ مُفَارَقَتَهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ بِالزَّوْجَةِ وَرَدَّهَا بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّهَا بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لَلَزِمَهُ النِّصْفُ لَهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ الرَّدَّ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَقْتَضِي الرِّضَا بِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ لَنَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ الرَّدَّ هُنَا إنَّمَا يَكُونُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ، فَلَمْ يَحْصُلْ فِيهِ الرَّدُّ إلَّا بِالطَّلَاقِ فَرَاجِعْ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْوَلِيَّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا إذَا غَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لَوْ حَضَرَتْ مَجْلِسَ الْعَقْدِ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهَا إنْ زَوَّجَهَا بِحُضُورِهَا كَاتِمَيْنِ، ثُمَّ لِلْوَلِيِّ عَلَيْهَا إنْ أَخَذَهُ مِنْهُ لَا الْعَكْسُ، وَلَمَّا مَرَّ حُكْمُ مَا إذَا زَوَّجَهَا قَرِيبُهَا الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا، شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا إذَا زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا الْبَعِيدُ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ زَوَّجَهَا) أَيْ ذَاتَ الْعَيْبِ (وَلِيٌّ لَيْسَ بِقَرِيبِ الْقَرَابَةِ) كَابْنِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ الصَّدَاقِ (وَ) إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ بِحَيْثُ (لَا يَكُونُ لَهَا) مِنْهُ (إلَّا رُبُعُ دِينَارٍ) قَالَ خَلِيلٌ: وَرَجَعَ عَلَيْهَا فِي كَابْنِ الْعَمِّ إلَى رُبُعِ دِينَارٍ، فَإِنْ عَلِمَ بِأَمْرِهَا فَكَقَرِيبِ الْقَرَابَةِ فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ، فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ إذَا رَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ مِنْ غَيْرِ تَرْكِ رُبُعِ دِينَارٍ، وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ؟ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِهِ لَزِمَ عُرُوُّ الْبُضْعِ عَنْ الصَّدَاقِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ رُبُعَ الدِّينَارِ حَقُّ اللَّهِ.
وَثَانِيهِمَا إذَا رَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ تَفُوزُ هِيَ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ فَلَمْ يَعْرُ بُضْعُهَا عَنْ صَدَاقٍ، وَأَخَذَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، مَنْ أَكْرَى مَطْمُورَةً يُخَزِّنُ فِيهَا الْحَبَّ مَثَلًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ جَمِيعَ مَا يُوضَعُ فِيهَا يُسَوَّسُ فَسَاسَ جَمِيعُ مَا وَضَعَهُ الْمُكْتَرِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ، كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلِيِّ الْعَالِمِ بِعَيْبِ الْمَنْكُوحَةِ، وَبِذَلِكَ حَكَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْمَطْمُورَةَ لَمَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَمِثْلُ مَا حَكَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلَانِيِّ فِيمَا إذَا بَاعَ أَوْ أَكْرَى خَابِيَةً دَلَّسَ فِيهَا بِالْكَسْرِ وَعَلِمَ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَجْعَلُ فِيهَا زَيْتًا جَعَلَهُ فِيهَا فَانْهَرَقَ مِنْ كَسْرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْكِرَاءِ لَا فِي الْبَيْعِ، مِنْ التَّتَّائِيِّ بِتَصَرُّفٍ لِلْإِيضَاحِ: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْفَحْصِ عَنْ حَالِهَا بِخِلَافِ الْكِرَاءِ لَا تَقْصِيرَ عِنْدَ الْمُكْتَرِي، لِأَنَّ الْمُكْرِيَ أَكْرَاهَا لِمَنْ لَهُ انْتِفَاعٌ بِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَالْمُكْرِي غَارٌّ، وَلَا يُقَالُ: كَذَلِكَ الْبَائِعُ، لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهَا لَا لِيَضَعَ فِيهَا شَيْئًا بَلْ لِيَتَمَلَّكَ مَحَلَّهَا، وَحَرِّرْهُ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ إذَا عَلِمَ بِعَيْبِهَا يَكُونُ كَالْقَرِيبِ جِدًّا، فَإِنْ تَنَازَعَ الزَّوْجُ مَعَ الْبَعِيدِ فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ الْبَعِيدِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْبَهَا، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لِلزَّوْجِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ حَلِفِهِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ، وَإِذَا بَرِئَ الْوَلِيُّ مِنْ الصَّدَاقِ إمَّا بِحَلِفِهِ أَوْ بِنُكُولِ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ يُضَيِّعُ الصَّدَاقَ عَلَى الزَّوْجِ إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إذَا لَا يَبْرَأُ الْوَلِيُّ وَلَكِنْ أَعَسَرَ.
الثَّانِي: مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الرَّدَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ، سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْبٍ يُوجِبُ الْخِيَارَ مُطْلَقًا أَوْ بِالشَّرْطِ وَاضِحٌ، وَعَلَيْهِ شُرَّاحُ خَلِيلٍ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَيَجِبُ قَصْرُ الْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الرَّدِّ بِمَا يُوجِبُ الْخِيَارَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَأَمَّا مَا لَا يُوجِبُهُ إلَّا بِشَرْطٍ كَعَدَمِ الْبَيَاضِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا خِيَارَ فِيهِ إلَّا بِالشَّرْطِ، فَإِنَّهُ إذَا دَخَلَ الزَّوْجُ وَلَمْ يَجِدْ مَا شَرَطَهُ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا زَادَهُ لِأَجْلِ مَا اشْتَرَطَهُ، أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى، فَيَدْفَعُ لَهَا الْمُسَمَّى وَلَا يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ، فَلَيْسَ كَالْعَيْبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَعْضِ مَا يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ بِقَوْلِهِ: (وَيُؤَجَّلُ الْمُعْتَرِضُ سَنَةً) بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَإِنْ مَرِضَ وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ الزَّوْجَ إذَا وَجَدَتْهُ الْمَرْأَةُ مُعْتَرِضًا وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْعَامَّةِ مَرْبُوطًا أَيْ لَهُ آلَةٌ لَكِنْ لَا تَنْتَشِرُ عِنْدَ الْوَطْءِ إمَّا بِسِحْرٍ أَوْ مَرَضٍ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ يَتَحَيَّلُ فِيهِ عَلَى إزَالَةِ اعْتِرَاضِهِ وَقَدْرُهُ سَنَةً إنْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا، وَنِصْفُهَا إنْ كَانَ عَبْدًا، وَابْتِدَاءُ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ يَوْمِ قِيَامِ الزَّوْجَةِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ