للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الْأُمِّ إنْ مَاتَتْ أَوْ نُكِحَتْ لِلْجَدَّةِ ثُمَّ لِلْخَالَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوِي رَحِمِ الْأُمِّ أَحَدٌ فَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ.

فَإِنْ لَمْ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْمُعْسِرِ مُسْقِطٌ لِلْحَضَانَةِ دُونَ النَّفَقَةِ، وَالزَّوَاجُ بِالْبَالِغِ الْمُوسِرِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ مُسْقِطٌ لِلنَّفَقَةِ حَيْثُ دُعِيَ لِلدُّخُولِ مَعَ إطَاقَتِهَا الْوَطْءَ مَعَ بَقَاءِ الْحَضَانَةِ، فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ، وَبِبَيَانِهَا يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ خَلِيلٍ مِنْ تَشْبِيهِ الْحَضَانَةِ بِالنَّفَقَةِ السَّاقِطَةِ بِدُخُولِ الزَّوْجِ الْبَالِغِ أَوْ الْمُوسِرِ، أَوْ الْمَدْعُوِّ إلَى الدُّخُولِ مَعَ بُلُوغِهِ، وَإِطَاقَتِهَا وَاسْتِمْرَارِ حَضَانَتِهَا، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ سَلِيمَةٌ مِنْ إيهَامِ، خِلَافِ الْمُرَادِ لِتَصْرِيحِهَا بِسُقُوطِ الْحَضَانَةِ بِالدُّخُولِ، وَيُفْهَمُ مِنْهَا عَدَمُ سُقُوطِهَا بِالْعَقْدِ دُونَ الدُّخُولِ، وَإِنْ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ، وَأَشَارَ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ أَمَةً عَتَقَ وَلَدُهَا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، إلَى قَوْلِ مَالِكٍ: إذَا أُعْتِقَ وَلَدُ الْأَمَةِ وَزَوْجُهَا حُرٌّ فَطَلَّقَهَا فَهِيَ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتَظْعَنَ إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْأَبِ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِهِ، أَوْ يُرِيدُ الْأَبُ انْتِقَالًا عَنْ بَلَدِ الْأُمِّ فَلَهُ أَخْذُهُ، وَالْعِتْقُ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُعْتَقْ، وَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ وَلَدِهَا مِنْ زَوْجِهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا، وَكَذَا وَلَدُ الْأَمَةِ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهِمَا فَلَهُمَا حَضَانَتُهُ إذَا عَتَقَا أَوْ مَاتَ سَيِّدُهُمَا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَمَةِ حَضَانَةَ ابْنِهَا مِنْ زَوْجِهَا أَنْ لَا يَتَسَرَّرَهَا لِسَيِّدٍ أَيْ يَتَّخِذُهَا لِلْوَطْءِ؛ لِأَنَّ تَسَرُّرَ السَّيِّدِ بِمَنْزِلَةِ دُخُولِ الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ بِالْحَضَانَةِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِ الْحَضَانَةِ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْأُمِّ، وَمَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهَا وَهُوَ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ، إنْ لَوْ يُوجَدْ إلَّا الْحَاضِنُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَحْضُونِ وَالْكِفَائِيُّ عِنْدَ تَعَدُّدِهِ، وَلِذَا إذَا وَجَدَ جَمَاعَةٌ طِفْلًا مَنْبُوذًا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْتِقَاطُهُ وَحَضْنُهُ، فَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ غَيْرِهِ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ.

الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَالْحَضَانَةُ لِلْأُمِّ ظَاهِرَةٌ وَلَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا حَصْرُ الْحَضَانَةِ فِي الْأُمِّ لِمَا تَقَرَّرَ فِي النَّحْوِ مِنْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ الْمُعَرَّفَ فَاللَّامُ الْجِنْسِ مَحْصُورٌ فِي الْخَبَرِ نَحْوُ: الْكَرَمُ فِي الْعَرَبِ، وَالْمَجْدُ فِي قُرَيْشٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِقْهًا؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا يَحْضُنُ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ حَصْرٌ إضَافِيٌّ، وَهُوَ مَا يَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى: الْحَضَانَةُ بَعْدَ طَلَاقِ الْأُمِّ لَهَا لَا لِلْأَبِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَهَا لَهُ الْحَضَانَةُ إذَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ مَنْ قَبْلَهُ فِي الْمَرْتَبَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَذَلِكَ) أَيْ اسْتِحْقَاقُ حَضَانَةِ الْوَلَدِ (بَعْدَ الْأُمِّ إنْ مَاتَتْ أَوْ نَكَحَتْ) أَيْ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَدَخَلَ بِهَا يَنْتَقِلُ (لِلْجَدَّةِ) أُمِّ أُمِّ الْمَحْضُونِ، وَإِنْ عَلَتْ لِقُرْبِ شَفَقَتِهَا عَلَى وَلَدِ ابْنَتِهَا.

وَمِثْلُهَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أُمُّ أَبِ الْأُمِّ، فَالْمُرَادُ الْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ الشَّامِلَةِ لِجِهَةِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَإِنْ قُدِّمَتْ الْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الْإِنَاثِ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ جَدَّةٌ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ أَوْ كَانَتْ وَلَكِنْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ (لِلْخَالَةِ) أَيْ خَالَةِ الْمَحْضُونِ، وَهِيَ أُخْتُ أُمِّهِ مُطْلَقًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ يُوجَدُ (مِنْ ذَوِي رَحِمٍ) أَيْ قَرَابَاتِ (الْأُمِّ أَحَدٌ فَالْأَخَوَاتُ) يَحْضُنَّ الطِّفْلَ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ مَرْتَبَةَ الْأَخَوَاتِ بَعْدَ خَالَةِ الْمَحْضُونِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ أَسْقَطَ بَعْدَ الْخَالَةِ خَالَةَ الْخَالَةِ، وَعَمَّةَ أُمِّهِ، وَعَمَّةَ خَالَتِهِ، وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَبَعْدَهُمَا الْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ كَأُمِّ أَبِيهِ وَأُمِّ أَبِ أَبِيهِ، وَبَعْدَ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَةِ أَبِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى أَخَوَاتِ الْمَحْضُونِ، وَلَفْظُ خَلِيلٍ: ثُمَّ الْخَالَةُ ثُمَّ خَالَتُهَا ثُمَّ جَدَّةُ الْأَبِ ثُمَّ الْأَبُ، وَإِنْ كَانَ خَلِيلٌ أَسْقَطَ أَيْضًا عَمَّةَ الْأُمِّ وَعَمَّةَ الْخَالَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ جَعْلُ الْمُصَنِّفِ الْأَخَوَاتِ بَعْدَ الْخَالَاتِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِمَّنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إمَامٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّانِي: يَجِبُ تَقْيِيدُ الرَّحِمِ بِالْمَحْرَمِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ غَيْرِ الْمَحْرَمِ كَبِنْتِ عَمَّةِ الْمَحْضُونِ أَوْ بِنْتِ خَالَتِهِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْحَضَانَةِ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: اعْلَمْ أَنَّ الْحَضَانَةَ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى وَصْفَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ رَحِمٍ، وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً عَلَى الْمَحْضُونِ، فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ رَحِمٍ وَلَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ كَبِنْتِ الْخَالَةِ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَلَمْ تَكُنْ ذَاتَ رَحِمٍ لَهُ كَالْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِالصِّهَارَةِ أَوْ الرَّضَاعِ، وَبَقِيَ شَرْطٌ وَهُوَ انْفِرَادُ الْحَاضِنِ فِي السُّكْنَى عَمَّنْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهُ.

(وَ) يَلِي مَرْتَبَةَ أَخَوَاتِ الطِّفْلِ (الْعَمَّاتُ) الْمُرَادُ عَمَّتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ أُخْتَ الْأَبِ أَوْ أُخْتَ أَبِ الْأَبِ، وَبَعْدَ الْعَمَّةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ الْخَالَةُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَهِيَ بَعْدَ عَمَّةِ الْأَبِ، وَسَوَاءٌ أُخْتُ أُمِّ الْأَبِ أَوْ أُخْتُ أُمِّ أَبِيهِ، وَإِنْ عَلَتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ عَمَّةٌ وَلَا خَالَةٌ أَوْ كَانَتْ وَسَقَطَتْ حَضَانَتُهَا فَقِيلَ: تَلِيهَا بِنْتُ الْأَخِ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَقِيلَ: بِنْتُ الْأُخْتِ شَقِيقَةً أَوْ لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: ثُمَّ هَلْ بِنْتُ الْأَخِ أَوْ الْأُخْتِ أَوْ الْأَكْفَاءِ مِنْهُنَّ أَيْ أَوْ هُمَا فِي الْمَرْتَبَةِ سَوَاءٌ، وَيَنْظُرُ الْإِمَامُ فِي شَأْنِهِمَا فَيَقْضِي لِأَحْرَزِهِمَا، وَمَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ مِنْهُمَا بِالْقِيَامِ بِأَمْرِ الْمَحْضُونِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ بَعْدَ الْإِنَاثِ السَّابِقَاتِ عَلَى الْأَبِ وَالْمُتَأَخِّرَات عَنْهُ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>