للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالزَّبِيبُ كُلُّهُ صِنْفٌ وَالتَّمْرُ كُلُّهُ صِنْفٌ وَالْقُطْنِيَّةُ أَصْنَافٌ فِي الْبُيُوعِ وَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ.

وَلُحُومُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ الْأَنْعَامِ وَالْوَحْشِ صِنْفٌ وَلُحُومُ الطَّيْرِ كُلُّهُ صِنْفٌ وَلُحُومُ دَوَابِّ

ــ

[الفواكه الدواني]

لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ بِشَرْطِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا هُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَمَا هُوَ أَجْنَاسٌ بِقَوْلِهِ: (وَالْقَمْحُ) مُبْتَدَأٌ (وَالشَّعِيرُ) ، وَهُمَا مُعَرَّفَانِ (وَالسُّلْتُ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمَضْمُومَةِ وَاللَّامِ السَّاكِنَةِ حَبٌّ بَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ لَا قِشْرَ لَهُ وَخَبَرُ الْقَمْحِ الْوَاقِعِ مُبْتَدَأً (كَجِنْسٍ وَاحِدٍ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ (فِي) كُلِّ (مَا يَحِلُّ مِنْهُ وَيَحْرُمُ) ؛ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَنْفَعَةِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ أَوْ السُّلْتِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ وَتَبِعَهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ: «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ» إلَخْ وَدَلِيلُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ مَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ لِفَتًى عَلَفَ حِمَارَهُ: خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِك فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا وَلَا تَأْخُذْ إلَّا مِثْلَهُ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ مِثْلُهُ، وَأَيْضًا اُشْتُهِرَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ اتِّحَادُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فِي الْجِنْسِيَّةِ، وَالنَّاسُ تَبَعٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ قَبْلَ النَّاسِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ صِنْفٌ وَاحِدٌ فَإِنَّ السُّلْتَ يَلْحَق بِهِمَا بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: كَجِنْسٍ وَاحِدٍ أَيْ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ، وَأَمَّا اتِّحَادُ جِنْسِيَّةِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَفِيهَا خِلَافٌ فَلَمْ يَزُلْ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ.

(وَالزَّبِيبُ كُلُّهُ) أَحْمَرُهُ وَأَسْوَدُهُ رَدِيئُهُ وَجَيِّدُهُ جَدِيدُهُ وَعَتِيقُهُ (صِنْفٌ وَاحِدٌ) وَكَذَا كُلُّ أَفْرَادِ التِّينِ جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَ) كَذَلِكَ (التَّمْرُ كُلُّهُ) بَرْنِيُّ وَصَيْحَانِيٌّ وَعَجْوَةٌ (صِنْفٌ) وَاحِدٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَتَمْرٌ وَزَبِيبٌ وَلَحْمُ طَيْرٍ، وَهُوَ جِنْسٌ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ جِنْسٌ، فَيَجِبُ التَّمَاثُلُ فِي بَيْعِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ وَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ وَلَوْ شَكًّا، كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ رَطْبًا وَالْآخَرُ يَابِسًا، وَأَمَّا الْبَلَحُ قَبْلَ أَنْ يَتَتَمَّرَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ عَلَفٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ بِالطَّعَامِ لِأَجَلٍ، وَأَمَّا الْبَلَحُ الْكَبِيرُ، وَهُوَ الرَّامِخُ أَوْ الْبُسْرُ، وَهُوَ الزَّهْوُ أَوْ الرُّطَبُ فَيَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمِثْلِهِ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِجَمِيعِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبُسْرِ بِالزَّهْوِ؛ لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِالرُّطَبِ وَلَا بِالتَّمْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنَوْعِهِ بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ وَالتَّنَاجُزِ إلَّا الرَّطْبَ بِالْيَابِسِ، فَلَا يُبَاعُ الْقَمْحُ الْيَابِسُ بِالْبَلِيلَةِ، وَلَا الْفُولُ الْيَابِسُ بِالْحَارِّ، وَلَا النَّبِيذُ بِالتَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ وَلَوْ مُتَمَاثِلًا، بِخِلَافِ الْخَلِّ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِمَا وَلَوْ مُتَفَاضِلًا لِبُعْدِ الْخَلِّ عَنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَأَمَّا الْخَلُّ وَالنَّبِيذُ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مَعَ التَّمَاثُلِ وَالتَّنَاجُزِ لَا مَعَ التَّفَاضُلِ أَوْ عَدَمِ التَّنَاجُزِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ لِقُرْبِ الْخَلِّ مِنْ النَّبِيذِ، فَلَا يُشْكَلُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا انْتَقَلَ عَنْ أَصْلِهِ صَارَ كَالْجِنْسِ الْآخَرِ،؛ لِأَنَّ هَذَا عِنْدَ الْبُعْدِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ مَعَ النِّيءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(وَالْقُطْنِيَّةُ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَوْ ضَمِّهَا وَاحِدَةُ الْقَطَانِيِّ كُلُّ مَا لَهُ غِلَافٌ يُخْزَنُ بِهِ كَالْفُولِ وَالْعَدَسِ وَالْبَسِيلَةِ وَالْحِمَّصِ وَالْجُلْبَانِ وَالتُّرْمُسِ وَعَنْهَا الْكِرْسِنَّةُ حَبٌّ قَرِيبٌ مِنْ الْبَسِيلَةِ فِيهِ حُمْرَةٌ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: هِيَ الْبَسِيلَةُ (وَأَصْنَافٌ فِي الْبُيُوعِ) عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَذْهَبِ (وَ) إنْ (اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ) فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْخِلَافِ مَا صَدَّرَ بِهِ مِنْ أَنَّهَا أَنْوَاعٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي النَّوْعَيْنِ مِنْهُ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ (وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ) أَيْ الْإِمَامِ فِيهَا (فِي الزَّكَاةِ) بَلْ جَزَمَ (أَنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ) يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ حَتَّى يَكْمُلَ النِّصَابُ رِفْقًا بِالْفُقَرَاءِ، وَقَالَ خَلِيلٌ: وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ، وَعَدَمُ اخْتِلَافِ قَوْلِ الْإِمَامِ بِالنَّظَرِ إلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهَا أَصْنَافٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ يُقَدَّمُ مَا فِيهَا عَلَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ.

١ -

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ نَحْوِ الْأُرْزِ وَالدُّخْنِ وَالذُّرَةِ هِيَ أَجْنَاسٌ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ فِي الْبُيُوعِ وَالزَّكَاةِ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَا أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ الْمُقْتَاتِ الْمُدَّخَرِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ أَصْلِهِ، وَإِلَّا جَازَ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِأَمْرٍ قَوِيٍّ بِحَيْثُ يُبْعِدُهُ عَنْ أَصْلِهِ، وَذَلِكَ كَقَلْيِ الْحَبِّ أَوْ طَبْخِهِ أَوْ جَعْلِهِ خُبْزًا لَا بِطَحْنِهِ وَلَوْ عُجِنَ، وَلَا بِصَلْقِهِ إلَّا التُّرْمُسَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ جِنْسًا آخَرَ بِصَلْقِهِ وَوَضْعِهِ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَصِيرَ حُلْوًا، وَأَمَّا صَلْقُ الْقَمْحِ أَوْ الْفُولِ أَوْ الْحِمَّصِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُلُهُ، فَلِذَا لَا يُبَاعُ الْيَابِسُ بِالْمَصْلُوقِ مِنْهَا، وَمَا يَقَعُ فِي الْأَرْيَافِ مِنْ بَيْعِ الْفُولِ الْحَارِّ بِالْيَابِسِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْجِنْسِ وَالْأَجْنَاسِ مِنْ الْحُبُوبِ شَرَعَ يُبَيِّنُ الْمُتَّحِدَ وَالْمُخْتَلِفَ مِنْ أَنْوَاعِ غَيْرِ الْحُبُوبِ بِقَوْلِهِ (وَلُحُومُ) مُبْتَدَأٌ (ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ الْأَنْعَامِ) كَالْبَقَرِ وَالضَّأْنِ وَالْإِبِلِ (وَ) مِنْ (الْوَحْشِ) كَالْغَزَالِ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَخَبَرُ لَحْمٌ (صِنْفٌ) وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَطْبُوخُ كُلُّهُ صِنْفٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ طَبْخِهِ كَقَلْيِهِ بِعَسَلٍ وَأُخْرَى بِخَلٍّ أَوْ لَبَنٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ طَبْخِهَا بِأَبْزَارٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>