للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَاءِ كُلِّهَا صِنْفٌ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ لُحُومِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ شَحْمٍ فَهُوَ كَلَحْمِهِ وَأَلْبَانُ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَجُبْنُهُ وَسَمْنُهُ صِنْفٌ.

ــ

[الفواكه الدواني]

أَمْ لَا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الطَّبْخَ بِالْأَبْزَارِ نَاقِلٌ عَنْ اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ، وَفَائِدَةُ الِاتِّحَادِ فِي الصِّنْفِيَّةِ وُجُوبُ الْمُمَاثَلَةِ، وَحُرْمَةُ التَّفَاضُلِ فِي بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَلَوْ لَحْمُ جَمَلٍ بِلَحْمِ ضَأْنٍ (وَ) كَذَلِكَ (لَحْمُ الطَّيْرِ كُلِّهَا) الْإِنْسِيُّ وَالْوَحْشِيُّ كَالنَّعَامَةِ وَلَوْ طَيْرَ مَاءٍ أَوْ جَرَادٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ (صِنْفٌ) وَاحِدٌ خَبَرُ لُحُومٍ، فَالرَّخَمَةُ مِثْلُ الْحَمَامَةِ، وَالْحِدَأَةُ مِثْلُ الدَّجَاجَةِ وَالْغُرَابِ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَرَقَةُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ.

(تَنْبِيهٌ) . هَذَا فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ الْمُبَاحَةِ وَالطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا بَأْسَ بِلَحْمِ الْأَنْعَامِ بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ نَقْدًا، وَمُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا، وَأَمَّا بِالْهِرِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ فَمَكْرُوهٌ بَيْعُ لَحْمِ الْأَنْعَامِ بِهَا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي أَكْلِهَا، وَمَالِكٌ يَكْرَهُ أَكْلَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ. انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَكْرُوهَ الْأَكْلِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمُبَاحِ مِنْهَا، وَإِلَّا حَرُمَ بَيْعُ لَحْمِ الْمُبَاحِ مِنْهَا بِالْمَكْرُوهِ مُتَفَاضِلًا، وَحَرُمَ أَيْضًا بَيْعُ الْحَيِّ بِلَحْمٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ، وَلَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، فَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَ لَحْمِ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ، كَمَا يُكْرَهُ بَيْعُ الْحَيِّ مِنْ الْمَكْرُوهِ بِلَحْمِ الْحَيَوَانِ الْمُبَاحِ أَوْ الْمَكْرُوهِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الْأُجْهُورِيِّ أَنَّهُ يَجْرِي فِي مَكْرُوهِ الْأَكْلِ مِنْ الطَّيْرِ مَا جَرَى فِي مَكْرُوهِ الْأَكْلِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ.

(وَلُحُومُ) مُبْتَدَأٌ (دَوَابِّ الْمَاءِ) كَضُفْدَعٍ وَسَمَكٍ وَتِمْسَاحٍ وَآدَمِيِّ الْمَاءِ وَكَلْبِ الْمَاءِ وَخِنْزِيرِهِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ مِنْهَا (كُلِّهَا) وَخَبَرُ لُحُومُ (صِنْفٌ) وَاحِدٌ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ، وَلَا يَنْتَقِلُ الصَّبْرُ بِتَمْلِيحِهِ عَنْ أَصْلِهِ فَالْفَسْخُ لَا يَخْرُجُ عَنْ جِنْسِ الْحُلْوِ.

وَفِي الْأُجْهُورِيِّ: أَنَّ الْبَطَارِخَ فِي حُكْمِ الْمُودَعِ فِي السَّمَكِ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَيُبَاعُ بِالسَّمَكِ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، كَمَا يُبَاعُ الطَّيْرُ وَلَحْمُهُ بِبَيْضِهِ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، وَلَوْ فِي قِيَاسِ الْبَطَارِخِ عَلَى الْبَيْضِ وَقْفَةٌ لِوُجُودِ الْفَارِقِ، وَأَيْضًا الْبَطَارِخُ كَالشَّحْمِ، وَالشَّحْمُ كَاللَّحْمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَ) كُلُّ (مَا تَوَلَّدَ مِنْ لُحُومِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ) مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ أَوْ الطُّيُورِ أَوْ دَوَابِّ الْمَاءِ (مِنْ شَحْمٍ) أَوْ كَبِدٍ أَوْ قَلْبٍ أَوْ طِحَالٍ أَوْ رَأْسٍ (فَهُوَ كَلَحْمِهِ) بَلْ الْعَظْمُ وَالْمَرَقُ وَالْجِلْدُ كَذَلِكَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْمَرَقُ وَالْعَظْمُ وَالْجِلْدُ كَهُوَ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْعَظْمُ مُتَّصِلًا فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ فِي حُرْمَةِ التَّفَاضُلِ؛ لِأَجْلِ الْعَظْمِ؛ لِأَنَّهُ كَاللَّحْمِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ اللَّحْمِ فَإِنَّمَا يَكُونُ كَاللَّحْمِ إذَا كَانَ يُمْكِنُ أَكْلُهُ كَالْقُرْقُوشَةِ إلَّا إنْ لَمْ يُمْكِنْ أَكْلُهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ أَجْنَبِيًّا كَنَوَى الْبَلَحِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: فَائِدَةُ كَوْنِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ اللَّحْمِ كَاللَّحْمِ حُرْمَةُ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ كَمَا مَرَّ فِي الْحُبُوبِ مَا لَمْ يَنْتَقِلْ اللَّحْمُ عَنْ أَصْلِهِ، وَإِلَّا جَازَ التَّفَاضُلُ وَنَقْلُ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ عَنْ اللَّحْمِ النِّيءِ أَنْ يُطْبَخَ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْأَبْزَارِ، وَلَوْ الْخَفِيفَةَ كَالْأُرْزِ أَوْ الْبَصَلِ زِيَادَةً عَلَى الْمِلْحِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعِيَّةَ لَا تُشْتَرَطُ، وَمِثْلُ طَبْخِ اللَّحْمِ بِالْأَبْزَارِ شَيُّهُ أَوْ تَجْفِيفُهُ بِالشَّمْسِ أَوْ الْهَوَاءِ بِالْأَبْزَارِ، وَأَمَّا طَبْخُهُ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ فَلَا يَنْقُلُهُ عَنْ اللَّحْمِ النِّيءِ؛ لِأَنَّهُ صَلْقٌ، وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ.

الثَّانِي: لَوْ طُبِخَ لَحْمٌ مِنْ جِنْسَيْنِ فِي قِدْرٍ أَوْ قُدُورٍ، فَإِنْ طُبِخَا بِغَيْرِ أَبْزَارٍ أَوْ طُبِخَ أَحَدُهُمَا بِهَا وَالْآخَرُ بِدُونِهَا فَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فَيُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، وَأَمَّا لَوْ طُبِخَا بِأَبْزَارٍ وَلَوْ فِي قِدْرَيْنِ فَقِيلَ هُمَا بَاقِيَانِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا، وَقِيلَ صَارَا جِنْسًا وَاحِدًا فَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا هُمَا مَعَ لَحْمٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَ نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا بِغَيْرِ نَاقِلٍ فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِمَا لِانْتِقَالِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَطْبُوخًا بِنَاقِلٍ لَجَرَى فِيهِ الْخِلَافُ.

١ -

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَلْبَانِ بِقَوْلِهِ: (وَأَلْبَانُ ذَلِكَ الصِّنْفِ) الْمُتَقَدِّمِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ الْإِنْسِيِّ مِنْهُ وَالْوَحْشِيِّ كُلِّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ.

(وَ) كَذَلِكَ (جُبْنُهُ وَسَمْنُهُ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا (صِنْفٌ) فَصِنْفٌ مُقَدَّرٌ فِي الْأَلْبَانِ وَالْجُبْنِ، وَلَا يَتَوَهَّمُ عَاقِلٌ فَضْلًا عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْجُزُولِيُّ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ: وَأَلْبَانُ ذَلِكَ الصِّنْفِ صِنْفٌ وَجُبْنُهُ صِنْفٌ وَسَمْنُهُ صِنْفٌ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا، فَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالْعَلَّامَةُ خَلِيلٍ كَثِيرًا مَا يَسْلُكُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَتَمْرٌ وَزَبِيبٌ وَلَحْمُ طَيْرٍ، وَهُوَ جِنْسُ الْمُرَادِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ جِنْسٌ، وَكَوْنُ أَلْبَانِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ صِنْفًا يُوهِمُ أَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيِّ صِنْفٌ آخَرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْجَمِيعُ صِنْفٌ وَاحِدٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمُطْلَقُ لَبَنٍ، قَالَ شُرَّاحُهُ: وَلَوْ لَبَنُ آدَمِيِّ الْجَمِيعِ صِنْفٌ وَاحِدٌ، فَكَانَ الْأَحْسَنُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ لَوْ قَالَ: وَجَمِيعُ الْأَلْبَانِ: صِنْفٌ لِيُوَافِقَ كَلَامَ خَلِيلٍ، وَلِيَشْمَلَ الْمَخِيضَ مِنْهُ وَالْمَضْرُوبَ وَالْحَلِيبَ، فَيُبَاعُ الْحَلِيبُ بِالْمَخِيضِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: إذَا عَرَفْت مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ صِنْفٌ يَطْرَأُ عَلَيْك إشْكَالٌ، وَهُوَ إيهَامُ جَوَازِ بَيْعِ اللَّبَنِ الْحَلِيبِ بِالسَّمْنِ أَوْ الْجُبْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْحُكْمُ الْمَنْعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُزَابَنَةِ، وَأَنْوَاعُ اللَّبَنِ مِنْ فُرُوعِهَا سَبْعَةٌ: حَلِيبٌ، وَمَخِيضٌ، وَمَضْرُوبٌ وَجُبْنٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَأَقِطٌ، وَالصُّوَرُ الْحَاصِلَةُ مِنْ بَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>