للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ وَفَاءٌ فَإِنَّ وَلَدَهُ يَسْعَوْنَ فِيهِ وَيُؤَدُّونَ نُجُومًا إنْ كَانُوا كِبَارًا وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا وَلَيْسَ فِي الْمَالِ قَدْرُ النُّجُومِ إلَى بُلُوغِهِمْ السَّعْيَ رَقُّوا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ.

وَمَنْ أَوْلَدَ أَمَةً فَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْهَا فِي

ــ

[الفواكه الدواني]

وَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ وَمُشَارَكَةٌ وَمُقَارَضَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ، وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ وَإِسْلَامُهَا أَوْ فِدَاؤُهَا إنْ جَنَتْ بِالنَّظَرِ وَسَفَرٌ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ وَإِقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ فَصَوَابُهُ فِي ذِمَّتِهِ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الرَّقَبَةِ يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَإِسْقَاطُ شُفْعَتِهِ لَا عِتْقَ وَإِنْ قَرِيبًا وَهِبَةٌ وَصَدَقَةٌ وَتَزَوُّجٌ وَإِقْرَارٌ بِجِنَايَةٍ خَطَأٌ وَسَفَرٌ بَعْدُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَإِنَّمَا نَصَّ خَلِيلٌ عَلَى تِلْكَ الْجُزْئِيَّاتِ جَوَازًا وَمَنْعًا رِفْقًا بِالْمُفْتِي، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ: وَلِلْمُكَاتِبِ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ تَبَرُّعٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَتَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ إلَّا فِي التَّبَرُّعِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِعَجْزِهِ، وَلَمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ مَاتَ رَقِيقًا.

ذَكَرَ هُنَا أَنَّ مَحَلَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ فِي الْكِتَابَةِ بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا مَاتَ) قَبْلَ الْوَفَاءِ وَعِنْدَهُ مَا يُوفِي مِنْهُ (وَلَهُ وَلَدٌ قَامَ مَقَامَهُ وَأَدَّى مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (مَا بَقِيَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ (حَالًّا) مِنْ الْحُلُولِ لِأَنَّ بِمَوْتِ الشَّخْصِ يَحِلُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا وَتُفْسَخُ كِتَابَتُهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفُسِخَتْ إنْ مَاتَ وَإِنْ عَنْ مَالٍ إلَّا لِوَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ دَخَلَ مَعَهُ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتُؤَدَّى حَالَّةً، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى: أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ قَبْلَ وَفَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا أَوْ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِإِتْيَانِهِ بِهَا وَلَمْ يَقْبَلْهَا فِي بَلَدٍ لَا حَاكِمَ بِهَا فَإِنَّهَا تُفْسَخُ، وَلَوْ خَلْفَ مَا لَا يَفِي بِهَا وَيَرِثُهُ سَيِّدُهُ بِالرِّقِّ لِمَوْتِهِ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَدٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّ كِتَابَتَهُ لَا تُفْسَخُ، وَلَكِنْ تَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَمُتَعَجِّلُهَا لِلسَّيِّدِ مِنْ مَالِهِ وَيَعْتِقُ بِذَلِكَ مَنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ، فَقَوْلُ خَلِيلٍ: بِشَرْطٍ أَوْ غَيْره يَرْجِعُ لِلْوَلَدِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ مَعًا، أَمَّا دُخُولُ الْوَلَدِ بِالشَّرْطِ فَبِأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَلِلْعَبْدِ أَمَةٌ حَامِلٌ وَقْتَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ حَمَلَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا دُخُولُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَبِأَنْ يَنْفَصِلَ مِنْ ظَهْرِ أَبِيهِ بَعْدَ عَقْدِ كِتَابَتِهِ، وَأَمَّا دُخُولُ غَيْرِ الْوَلَدِ بِالشَّرْطِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَبِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ زَمَنَ كِتَابَتِهِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُكَاتِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ أَبَاهُ أَوْ وَلَدَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَمَنْ ابْتَاعَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ بِالْمِلْكِ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ، قَالَ فِيهَا: وَصَارَ كَمَنْ عُقِدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ) عَلِمَ مِمَّا قَرَّرَنَا أَنَّ مَوْضُوعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَاتَ عَنْ مَالٍ كَثِيرٍ يَزِيدُ عَلَى الْوَفَاءِ وَأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْوَلَدِ، وَقَوْلُهُ: أَدَّى مِنْ مَالِهِ؛ الْمُرَادُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ لَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَإِنْ قِيلَ بِهِ.

(وَ) إذَا بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ (وَرِثَ مَنْ مَعَهُ) فِي الْكِتَابَةِ (مِنْ وَلَدِهِ) أَوْ مِنْ حُكْمِهِ وَمَفْعُولُ وَرِثَ (مَا بَقِيَ) مِنْ الْمَتْرُوكِ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَوَرِثَهُ مَنْ مَعَهُ فَقَطْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَوْلَادِ وَالْآبَاءِ وَالْإِخْوَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ إلَّا بِشَرْطَيْنِ: فَلَا يَرِثُهُ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ وَلَوْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا مَنْ مَعَهُ مِمَّنْ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَزَوْجَةٍ كُوتِبَتْ مَعَهُ أَوْ عَمٍّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْهُ مَنْ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى مِنْ وَرَثَتِهِ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُتَوَارِثِينَ التَّسَاوِي حَالَ الْمَوْتِ، وَالتَّسَاوِي هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِاحْتِمَالِ أَدَاءِ أَصْحَابِ أَهْلِ الْكِتَابَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، وَالْإِرْثُ هُنَا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ، وَلِذَا لَوْ كَانَ فِي الْكِتَابَةِ ابْنٌ وَأَخٌ فَالْإِرْثُ لِلِابْنِ دُونَ الْأَخِ.

(وَ) مَفْهُومُ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَنَّهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ) الْمَتْرُوكِ عَنْ الْمُكَاتَبِ (وَفَاءً) بِمَا عَلَيْهِ (فَإِنَّ وَلَدَهُ) وَمَنْ فِي حُكْمِهِ (يَسْعَوْنَ) أَيْ يَتَحَرَّوْنَ (فِيهِ وَيُؤَدُّونَ) مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ (نُجُومًا) أَيْ عَلَى التَّنْجِيمِ مِثْلُ مَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ (إنْ كَانُوا كِبَارًا) لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ وَأَمَانَةٌ عَلَى الْمَالِ.

(وَ) أَمَّا (إنْ كَانُوا صِغَارًا) وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَيْسَ فِي الْمَالِ قَدْرُ النُّجُومِ) الَّتِي تَحِلُّ (إلَى بُلُوغِهِمْ السَّعْيَ رَقُّوا سَرِيعًا) وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِ مَا يَفِي بِالنُّجُومِ الَّتِي تَحِلُّ إلَى بُلُوغِهِمْ الْقُوَّةَ عَلَى السَّعْيِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرِقُّونَ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ وَفَاءٌ إلَخْ أَنَّ سَعْيَ أَوْلَادِ الْمُكَاتَبِ مَشْرُوطٌ بِوُجُودِ مَتْرُوكٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الشَّرْطُ قُدْرَتُهُمْ عَلَى السَّعْيِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُوهُمْ تَرَكَ شَيْئًا، وَيُمْكِنُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ وَفَاءٌ يَصْدُقُ بِعَدَمِ الْمَالِ أَصْلًا، لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ، وَعَدَمَ الْوَفَاءِ يَصْدُقُ بِأَنْ يَتْرُكَ مَالًا أَصْلًا أَوْ تَرَكَ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يَفِي.

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى السَّعْيِ مِنْ أَوْلَادِهِ يَرِقُّونَ سَرِيعًا وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ لَهَا قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا لَكِنَّهُ لَا يَفِي بِالْكِتَابَةِ يَدْفَعُ لِوَلَدِهِ الَّذِي لَهُ أَمَانَةٌ وَقُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قُوَّةٌ أَوْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ مَا يُبَلِّغُهُمْ السَّعْيَ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْوَلَدِ أُمُّ وَلَدٍ لَهَا قُوَّةٌ وَأَمَانَةٌ دَفَعَ لَهَا إنْ رَجَا لَهَا قُوَّةً عَلَى سَعْيِ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ قُوَّةٌ بِيعَتْ وَضُمَّ ثَمَنُهَا إلَى التَّرِكَةِ فَتُؤَدِّي النُّجُومَ إلَى بُلُوغِ السَّعْيِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ رَقُّوا كُلُّهُمْ.

الثَّالِثُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْوَلَدِ، بَلْ كُلُّ مَنْ كَانَ مَعَ الْمَيِّتِ فِي الْكِتَابَةِ وَلَهُ قُدْرَةٌ وَأَمَانَةٌ يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ وَيَسْعَى، وَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ هُنَا فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>