للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ فَإِذَا بَلَغَتْهَا رَجَعَتْ إلَى عَقْلِهَا.

وَالنَّفَرُ يَقْتُلُونَ رَجُلًا فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ.

وَالسَّكْرَانُ إنْ قَتَلَ قُتِلَ.

وَإِنْ قَتَلَ مَجْنُونٌ رَجُلًا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

وَعَمْدُ الصَّبِيِّ كَالْخَطَإِ وَذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ

ــ

[الفواكه الدواني]

الثُّلُثَ فَصَاعِدًا» .

وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ عَاقَلَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فَجَعَلَ ثُلُثَ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ» رَوَاهُ مَالِكٌ،

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ: وَكُلُّ أُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ شُمُولُهُ لِدِيَةِ الْأَطْرَافِ مُطْلَقًا، وَالْوَاقِعُ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ: (وَتُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ) أَيْ تُسَاوِي (الرَّجُلَ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا فَتَأْخُذُ فِي أَطْرَافِهَا مِثْلَ مَا يَأْخُذُ الرَّجُلُ وَتَسْتَمِرُّ مُسَاوِيَةً لَهُ.

(إلَى) أَنْ تَبْلُغَ (ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ) وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمُغَيَّا بِإِلَى.

(فَإِذَا بَلَغَتْهَا) أَيْ دُرِّيَّةَ الرَّجُلِ أَيْ ثُلُثَهَا (رَجَعَتْ إلَى عَقْلِهَا) فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ فَلَهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ كَالرَّجُلِ، فَإِذَا قَطَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أُنْمُلَةً رَجَعَتْ إلَى عَقْلِهَا، وَكَذَا إذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ أَوْ ثَلَاثَةً وَأُنْمُلَةً فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ فَلَهَا فِي الْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ، وَفِيمَا نَقَصَ مِنْ الْأَصَابِعِ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَأُنْمُلَةٍ كَالرَّجُلِ، وَأَمَّا فِي قَطْعِ ثَلَاثَةٍ وَأُنْمُلَةٍ أَوْ الْجَائِفَةِ أَوْ الدَّامِغَةِ أَوْ الْآمَّةِ نِصْفُ مَا لِلرَّجُلِ، فَيَكُونُ لَهَا فِيمَا ذُكِرَ سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ، وَقَدْ قَالَ رَبِيعَةُ لِابْنِ الْمُسَيِّبِ: كَمْ فِي ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِنْ الْمَرْأَةِ؟ فَقَالَ: ثَلَاثُونَ، فَقُلْت: كَمْ فِي أَرْبَعَةٍ؟ فَقَالَ: عِشْرُونَ، فَقُلْت حِينَ عَظُمَ جُرْمُهَا وَاشْتَدَّتْ بَلِيَّتُهَا: نَقَصَ عَقْلُهَا، فَقَالَ: أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ؟ قُلْت: بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ، فَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي.

قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَهُوَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ.

وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْمَجْمَعِ عَلَيْهِ لِنَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] وَهُوَ يُوهِمُ عَدَمَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ قَالَ: (وَالنَّفَرُ) وَهُمْ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّاسِ (يَقْتُلُونَ رَجُلًا) أَوْ امْرَأَةً عَمْدًا عُدْوَانًا مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ عَلَى قَتْلِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ ضَرَبَاتُهُمْ وَمَاتَ مَكَانَهُ أَوْ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ وَلَوْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ.

(فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ حَيْثُ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ مِنْ الْقَاتِلِينَ، لَا إنْ احْتَاجَ إلَى قَسَامَةٍ فَلَا يُقْتَلُ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ لَهَا، وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ التَّمَالُؤِ لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَالْمُتَمَالَئُونَ وَإِنْ بِسَوْطٍ سَوْطٍ، بَلْ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْقَتْلَ إلَّا بَعْضُهُمْ حَيْثُ كَانَ غَيْرُهُ بِحَيْثُ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِ الْقَاتِلُ لَأَعَانَهُ، وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ تَمَيُّزِ الضَّرَبَاتِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ كَفِعْلِهِ، وَقَيَّدْنَا بِمَوْتِهِ مَكَانَهُ أَوْ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ لَمْ يَنْفُذُ مَقْتَلُهُ بَلْ دُفِعَ حَيًّا وَعَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ بِهِ جَمِيعًا، بَلْ لَا يُقْتَلُ بِهِ إلَّا وَاحِدٌ تُعَيِّنُهُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَقْسِمُونَ عَلَيْهِ، وَقَيَّدْنَا بِالْعَمْدِ الْعُدْوَانِ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ عَمْدًا غَيْرَ عُدْوَانٍ لَا شَيْءَ فِيهِ كَالْبُغَاةِ وَالْمَقْتُولِ خَطَأً يَغْرَمُ دِيَتَهُ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: يُقْتَلُونَ بِهِ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ مُكَافِئُونَ لِلْمَقْتُولِ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ، لَا إنْ كَانُوا أَعْلَى مِنْهُ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ، لِأَنَّ الْأَعْلَى لَا يُقْتَلُ بِالْأَدْنَى بِخِلَافِ الْعَكْسِ إلَّا فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ فَيُقْتَلُ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا إنْ كَانُوا غَيْرَ مُكَلَّفِينَ كَصِبْيَةٍ أَوْ مَجَانِينَ فَلَا يُقْتَلُونَ بِمَا قَتَلُوهُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ مَا فِي الْمُوَطَّإِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً.

وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ الْقِصَاصِ تَكْلِيفُ الْجَانِي وَكَانَ زَوَالُ الْعَقْلِ بِالسُّكْرِ الْحَرَامِ لَا يُزِيلُ التَّكْلِيفَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ قَالَ: (وَالسَّكْرَانُ) سُكْرًا حَرَامًا لِشُرْبِهِ الْمُسْكِرَ غَيْرَ ظَانٍّ أَنَّهُ غَيْرُهُ.

(إنْ قَتَلَ) مَعْصُومًا مُكَافِئًا لَهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ.

(قُتِلَ) حَيْثُ كَانَ بَالِغًا وَلَا يُعْذَرُ بِغَيْبُوبَةِ عَقْلِهِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ، كَمَا لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ إذَا طَلَّقَ أَوْ قَذَفَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ زَنَى وَلَوْ كَانَ طَافِحًا، بِخِلَافِ لَوْ أَقَرَّ أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى فَلَا يَلْزَمُهُ، وَأَمَّا لَوْ سَكِرَ سُكْرًا غَيْرَ حَرَامٍ كَشُرْبِهِ الْمُسْكِرَ يَظُنُّهُ لَبَنًا أَوْ عَسَلًا أَوْ غَالِطًا أَوْ لِغُصَّةٍ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَالْمَجْنُونِ.

(وَ) أَمَّا (إنْ قَتَلَ مَجْنُونٌ) حَالَ جُنُونِهِ (رَجُلًا) الْمُرَادُ شَخْصًا مُكَافِئًا لَهُ أَوْ أَدْنَى (فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِأَنَّ عَمْدَهُ كَخَطَئِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ تَعَمُّدِ اسْتِعْمَالِ الْمُزِيلِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ وَبَيْنَ السَّكْرَانِ سُكْرًا حَرَامًا رَفْعُ الْقَلَمِ عَنْ هَذَا الزَّوَالِ لِمَحَلِّ الْخِطَابِ وَهُوَ الْعَقْلُ مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَقَيَّدْنَا بِحَالِ جُنُونِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ قَتَلَ مُتَقَطِّعُ الْجُنُونِ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَالصَّحِيحِ لَكِنْ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ أَفَاقَتْهُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: يُسَلَّمُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَيَقْتُلُونَهُ إنْ شَاءُوا، فَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَتُرَدُّ الدِّيَةُ.

وَبَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَا إذَا شَكَّ هَلْ قَتَلَ فِي حَالِ صَحْوِهِ أَوْ فِي جُنُونِهِ؟ فَجَزَمَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِسُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَازِمَةٌ مِنْ قَبْلُ لِعَاقِلَتِهِ وَقِيلَ لَهُ وَلَا سَبِيلَ لِإِسْقَاطِهَا.

(وَعَمْدُ الصَّبِيِّ) الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَلَوْ أُنْثَى (كَالْخَطَإِ) فَلَا يُقْتَصُّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» .

لَعَلَّ الْمُرَادَ بِاحْتِلَامِهِ رُؤْيَةُ عَلَامَةِ الْبُلُوغِ.

(وَذَلِكَ) أَيْ وَاجِبُ جِنَايَتِهِ كَائِنٌ (عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>