للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ.

وَتَقْتُلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَالرَّجُلُ بِهَا وَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ.

وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَيُقْتَلُ بِهِ الْعَبْدُ.

وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَيُقْتَلُ بِهِ الْكَافِرُ.

وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِي جُرْحٍ.

وَلَا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ.

وَالسَّائِقُ

ــ

[الفواكه الدواني]

عَاقِلَتِهِ) بِشَرْطٍ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إنْ كَانَ) أَيْ وَاجِبُ جِنَايَةِ يَبْلُغُ (ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي كُلِّ مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَاجِبُ جِنَايَتِهِ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي وَلَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.

(فَفِي مَالِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى الْحُلُولِ وَيُتَّبَعُ بِهِ إنْ أَعْدَمَ.

وَاخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَكَ بَالِغٌ عَاقِلٌ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ فِي قَتْلِ شَخْصٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَشْهُرُهَا أَنَّ شَرِيكَ الصَّبِيِّ يُقْتَلُ بِخِلَافِ شَرِيكِ الْمَجْنُونِ، قَالَ خَلِيلٌ: وَعَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ الْقِصَاصُ إنْ تَمَالَأَ عَلَى قَتْلِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ تَمَالُؤٌ فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ مُتَعَمِّدًا وَحْدَهُ أَوْ الصَّبِيُّ كَذَلِكَ فَنِصْفُ دِيَةِ مَقْتُولِهِمَا فِي مَالِ الْكَبِيرِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَإِنْ أَخْطَأَ الْكَبِيرُ فَنِصْفُ دِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْكَبِيرِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ، وَأَمَّا شَرِيكُ الْمُخْطِئِ وَالْمَجْنُونِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَا تَعَمُّدَ لِلشَّكِّ فِيمَنْ مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ أَوْ الْمَجْنُونِ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَعَلَى شَرِيكِهِ الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِ الْأَوْلِيَاءِ إنَّمَا قَتَلَهُ الْعَاقِلُ الْمُشَارِكُ لِلْمُخْطِئِ أَوْ الْمَجْنُونِ لَوْ أَقْسَمُوا.

وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ أَوْ شَرُفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْجَانِي فَقَطْ.

(وَتُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَالرَّجُلُ بِهَا) حَيْثُ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ، أَوْ كَانَ الْقَاتِلُ رَقِيقًا وَالْمَقْتُولُ حُرًّا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] الْآيَةَ فَإِنَّهَا نَاسِخَةٌ لِآيَةِ: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} [البقرة: ١٧٨] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ» .

(وَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (مِنْ بَعْضٍ فِي الْجِرَاحِ) فَيُقْتَصُّ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَعَكْسُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: لَا تُقْطَعُ يَدُ الرَّجُلِ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَلَا عَكْسُهُ.

وَلَمَّا كَانَ الْأَعْلَى لَا يُقْتَلُ بِالْأَدْنَى بِخِلَافِ الْعَكْسِ قَالَ: (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ) مُسْلِمٌ (بِعَبْدٍ) مُسْلِمٍ لِأَنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ أَشْرَفُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، سَوَاءٌ كَانَ عَبْدَهُ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيِّ عَهْدٍ وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ، وَنَقَلَ الْبَاجِيُّ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَيَّدْنَا الْحُرَّ بِالْمُسْلِمِ لِنَتَحَرَّزَ عَنْ الْحُرِّ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُقْتَلُ الْحُرُّ الذِّمِّيُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَتَلَهُ غِيلَةً وَإِلَّا قُتِلَ الْقَاتِلُ، وَلَا يُشْتَرَطُ مُكَافَأَةٌ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْحُرِّ قَاتِلِ الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ فِي غَيْرِ الْغِيلَةِ، وَفِي جُرْحِهِ مَا نَقْصُ قِيمَتِهِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمَمْلُوكَةِ لِغَيْرِ الْجَانِي لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ وَإِنْ زَادَتْ أَيْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ، وَتَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ وَلَا مُبَعَّضًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ كَانَ قَتْلُهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَافِئًا لَهُ فَيُقْتَلُ بِهِ.

(وَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ (الْعَبْدُ) لِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ فَأَوْلَى الْحُرُّ الْمُسْلِمُ، وَمَعْنَى يُقْتَلُ بِهِ أَنَّهُ يَقْضِي بِقَتْلِهِ إنْ طَلَبَهُ الْوَلِيُّ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْخِيَارَ بَيْنَ قَتْلِهِ وَاسْتِحْيَائِهِ، لَكِنْ اسْتِحْيَاؤُهُ يُثْبِتُ لِسَيِّدِهِ الْخِيَارَ بَيْنَ إسْلَامِهِ أَوْ دَفْعِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ، كَمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا مُسْلِمًا خَطَأً بَيْنَ تَسْلِيمِهِ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَوْ فِدَائِهِ بِدِيَةِ الْمَقْتُولِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ مِنْ رَقِيقٍ عَلَى رَقِيقٍ فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ قِنَّا مَحْضًا وَالْقَاتِلُ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، حَكَّمَ مَا فِيهِ شَائِبَةٌ عَلَى الرِّقِّ حَتَّى يَخْرُجَ حُرًّا، وَفِي الْخَطَإِ جِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ.

(وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ رَقِيقًا (بِكَافِرٍ) وَلَوْ حُرًّا لِأَنَّ الْأَعْلَى لَا يُقْتَلُ بِالْأَدْنَى بِخِلَافِ الْعَكْسِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقَتْلُ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ، لِأَنَّ الْحُرَّ الْكِتَابِيَّ أَدْنَى مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، إذْ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ لَا يُعَادِلُهَا حُرِّيَّةُ الْكِتَابِيِّ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ قَتْلِ الْغِيلَةِ، «فَقَدْ قَتَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ مُسْلِمًا بِكَافِرٍ قَتَلَهُ غِيلَةً» ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ بِقَوْلِهِ: (وَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ وَلَوْ رَقِيقًا (الْكَافِرُ) وَلَوْ حُرًّا لِأَنَّ حُرِّيَّةَ الْكَافِرِ لَا تُعَادِلُ شَرَفَ الْإِسْلَامِ.

(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مُكَافِئًا لِلْمَقْتُولِ حِينَ الْقَتْلِ ثُمَّ زَالَتْ الْمُسَاوَاةُ قَبْلَ الْقِصَاصِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ أَوْ إسْلَامٍ، فَإِذَا قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْكَافِرُ الْقَاتِلُ أَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ فِي الصُّورَتَيْنِ، لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمُسَاوَاةُ عِنْدَ الْقَتْلِ وَقَدْ وُجِدَتْ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْأَدْنَى يُقْتَلُ بِالْأَعْلَى بِخِلَافِ الْعَكْسِ فِي الْغِيلَةِ وَكَانَ حُكْمُ الْجِرَاحِ لَيْسَ كَالدِّمَاءِ قَالَ: (وَلَا قِصَاصَ) مَشْرُوعٌ (بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِي جَرْحٍ) حَصَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، سَوَاءٌ كَانَ الْجَارِحُ الْحُرَّ أَوْ الْعَبْدَ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي جَرَحَ الْحُرَّ فَالْعَبْدُ فِيمَا جَنَى، سَوَاءٌ جَنَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَإِنْ كَانَ الْجَارِحُ الْحُرَّ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى عُضُولٍ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>