للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقَرَّ بِالصَّلَاةِ وَقَالَ لَا أُصَلِّي أُخِّرَ حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ لَمْ يُصَلِّهَا قُتِلَ حَدًّا.

وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ الزَّكَاةِ أُخِذَتْ مِنْهُ كُرْهًا.

وَمَنْ تَرَكَ الْحَجَّ فَاَللَّهُ حَسْبُهُ.

وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ جَحْدًا لَهَا فَهُوَ كَالْمُرْتَدِّ يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ.

وَمَنْ سَبَّ

ــ

[الفواكه الدواني]

عَنْ قَتْلِهِنَّ، لِأَنَّ مَحْمَلَهُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ لَا عَلَى الْمُرْتَدَّةِ، وَيُطْعَمُ الْمُرْتَدُّ مِنْ مَالِهِ زَمَنَ الرِّدَّةِ، وَأَمَّا وَلَدُهُ وَعِيَالُهُ فَلَا يُنْفِقُونَ مِنْهُ لِأَنَّهُ صَارَ بِسَبَبِ الرِّدَّةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا مَالَ عِنْدَهُ.

(تَنْبِيهٌ) قَتْلُ الْمُرْتَدِّ لَيْسَ كَقَتْلِ الزِّنْدِيقِ الْمُسْتَسِرِّ، لِأَنَّ الزِّنْدِيقَ يُقْتَلُ حَدًّا فَتَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ وَكَذَلِكَ السَّاحِرُ الْمُتَجَاهِرُ فَيُقْتَلُ كُفْرًا فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَمَالُهُ يَكُونُ فَيْئًا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا لِوَرَثَتِهِ، وَهَذَا حُكْمُ الْمُرْتَدِّ الْحُرِّ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ الرَّقِيقُ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ.

(وَمَنْ لَمْ يَرْتَدَّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (أَقَرَّ بِالصَّلَاةِ) أَيْ بِوُجُوبِهَا (وَ) لَكِنْ (قَالَ لَا أُصَلِّي) أَبَدًا، أَوْ قَالَ: لَا أُصَلِّي حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ وَجَوَابُ مَنْ الشَّرْطِيَّةِ (أُخِّرَ) أَيْ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وُجُوبًا (حَتَّى) يَكَادَ (يَمْضِي وَقْتُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) لِمَنْ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مُشْتَرِكَتَانِ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ مَثَلًا أُخِّرَ إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُ مَا يَسَعُ أُولَاهُمَا وَرَكْعَةٌ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ طُمَأْنِينَةٌ وَلَا اعْتِدَالٌ وَلَا فِي الصَّلَاةِ الْأُولَى مِنْ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ قِرَاءَةُ فَاتِحَةٍ فِي سِوَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ، وَلَا طَهَارَةَ مَائِيَّةً بَلْ تُرَابِيَّةً لِضِيقِ الْوَقْتِ وَيُهَدَّدُ ثُمَّ يُضْرَبُ بِالْفِعْلِ.

(فَإِنْ لَمْ يُصَلِّهَا) أَيْ يَشْرَعْ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا مِقْدَارُ رَكْعَةٍ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَقَطْ أَوْ مِقْدَارُ الْأُولَى وَرَكْعَةٌ مِنْ الثَّانِيَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَاتَانِ.

(قُتِلَ حَدًّا) وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَفْعَلُ مَعَ عَدَمِ شُرُوعِهِ بِالْفِعْلِ، وَقَوْلُنَا: مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةٍ وَلَا طُمَأْنِينَةٍ وَلَا اعْتِدَالٍ لَا يُنَافِي أَنَّهُ عِنْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ لَا بُدَّ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالِاعْتِدَالِ، وَبِقَوْلِنَا: حَتَّى يَكَادَ يَمْضِي وَقْتُ صَلَاةِ إلَخْ يَعْلَمُ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْفِعْلَ وَامْتَنَعَ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أُخِّرَ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ يُشْعِرُ بِبَقَاءِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ فَائِتَةً، وَالْفَائِتَةُ لَا يُقْتَلُ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَالَ خَلِيلٌ مُشِيرًا إلَى جَمِيعِ ذَلِكَ: وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أُخِّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدًّا وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَفْعَلُ وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ لَا فَائِتَةً عَلَى الْأَصَحِّ وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَفِي حُكْمِ مَنْ قَالَ لَا أُصَلِّي مَنْ قَالَ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ لَا أَتَوَضَّأُ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَإِذَا كَانَ فِي حُكْمِهِ فَهَلْ يُرَاعَى بِالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ قَدْرُ مَا يَسَعُ فِعْلَهُمَا مِنْ الرَّكْعَةِ مِنْ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ يُقْتَلُ أَوْ يُرَاعَى قَدْرُ الرَّكْعَةِ مِنْ التَّيَمُّمِ وَاسْتَظْهَرَ الْأَوَّلَ.

الثَّانِي: لَوْ اطَّلَعَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَطَلَبَ مِنْهُ الشُّرُوعَ فِيهَا فَامْتَنَعَ وَغَفَلَ عَنْهُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَالظَّاهِرُ قَتْلُهُ، وَلَيْسَ مِنْ الْقَتْلِ بِالْفَائِتَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَا.

الثَّالِثُ: أَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ تَهْدِيدُهُ وَلَوْ بِالضَّرْبِ ثُمَّ يَضْرِبُهُ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى ضَاقَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا مِقْدَارُ رَكْعَةٍ مَعَ الطَّهَارَةِ فَقَدْ تَرَدَّدَ الْأُجْهُورِيُّ فِي قَتْلِهِ وَاسْتَظْهَرَ عَدَمَ قَتْلِهِ وَلِي فِيمَا اسْتَظْهَرَهُ وَقْفَةٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي قَتْلُهُ لِأَنَّهُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ لَا سَبِيلَ إلَى جَوَازِ التَّأْخِيرِ فِي الشُّرُوعِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَيْضًا قَدْ قِيلَ بِالْقَتْلِ بِالْفَائِتَةِ فَكَيْفَ بِالْحَاضِرَةِ وَحَرَّرَهُ.

الرَّابِعُ: صِفَةُ قَتْلِهِ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُهُ بِالسَّيْفِ فِي الْمَكَانِ الْمَعْهُودِ لِلضَّرْبِ فِيهِ شَرْعًا وَلَا يُعَاقَبُ.

(وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ) أَيْ إخْرَاجِ (الزَّكَاةِ) مَعَ الِاعْتِرَافِ بِوُجُوبِهَا (أُخِذَتْ مِنْهُ كَرْهًا) بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ قَهْرًا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَكَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ وَيَكُونُ دَمُهُ هَدَرًا بِخِلَافِ دَمِ الْفَقِيرِ فَيُقْتَلُ بِهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ عِنَادًا أَوْ تَأْوِيلًا وَإِنْ بِقِتَالٍ، قَالَ بِسَنْدٍ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُمْتَنِعِ مَالٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَالِ لِلْإِمَامِ سَجْنُهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالُهُ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَالْإِمَامُ نَاظِرٌ فِيهِ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْضُ الْمَالِ وَاتُّهِمَ بِإِخْفَاءِ غَيْرِهِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَحْلِفُ مَالِكٌ أَخْطَأَ مَنْ يُحَلِّفُ النَّاسَ مِنْ السُّعَاةِ وَلْيُصَدِّقُوا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَنِيَّةُ الْإِمَامِ نَابَتْ عَنْ نِيَّتِهِ.

وَفِي التَّتَّائِيِّ: وَتُجْزِئُ مَعَ الْإِكْرَاهِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَالِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِظُهُورِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ وَالنِّيَّةِ، وَيُؤَدَّبُ الْمُمْتَنِعُ وَكَرْهًا بِالْفَتْحِ الْقَهْرُ، وَأَمَّا كُرْهًا بِمَعْنَى التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ فَبِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، وَأَمَّا الْجَاحِدُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ يُقْتَلُ كُفْرًا.

(وَمَنْ تَرَكَ الْحَجَّ) وَهُوَ ضَرُورَةٌ مِنْ الِاسْتِطَاعَةِ وَالِاعْتِرَافِ بِالْوُجُوبِ (فَاَللَّهُ حَسِيبُهُ) أَيْ يَنْتَقِمُ مِنْهُ بِعَدْلِهِ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ لِأَنَّ الزَّمَانَ كُلَّهُ ظَرْفٌ لَهُ، وَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِمَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الصَّوْمِ عِنَادًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ النِّيَّةَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدًّا.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِ الْفَرَائِضِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِوُجُوبِهَا شَرَعَ فِي تَارِكِهَا جَحْدًا بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ) الْمَفْرُوضَةَ (جَحْدًا لَهَا) أَوْ لِشَيْءٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>