للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاجِبٌ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ آكَدُ مِنْهُ،

وَالطَّوَافُ لِلْوَدَاعِ سُنَّةٌ،

وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ سُنَّةٌ،

وَالْجَمْعُ بِعَرَفَةَ وَاجِبٌ،

وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَرِيضَةٌ،

وَمَبِيتُ الْمُزْدَلِفَةِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ،

وَوُقُوفُ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مَأْمُورٌ بِهِ،

وَرَمْيُ الْجِمَارِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَكَذَلِكَ الْحِلَاقُ،

وَتَقْبِيلُ الرُّكْنِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ،

وَالْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ سُنَّةٌ،

وَالرُّكُوعُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ،

وَغُسْلُ عَرَفَةَ سُنَّةٌ،

وَالْغُسْلُ،

ــ

[الفواكه الدواني]

وَإِنَّمَا السُّنِّيَّةُ مُقَارَنَتُهَا لِلْإِحْرَامِ، وَكَلَامُ خَلِيلٍ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ مَا شَهَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ فَتَأَمَّلْ. وَيُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَاهَا الْإِجَابَةُ، فَمَعْنَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ أَجَبْتُك إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبَّى الْمَلَائِكَةُ كَمَا أَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ.

(وَالنِّيَّةُ بِالْحَجِّ) وَكَذَا الْعُمْرَةِ (فَرِيضَةٌ) لِأَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ أَوْ شَرْطٌ لِكُلِّ عِبَادَةٍ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . وَيَظْهَرُ أَنَّ الْبَاءَ فِي بِالْحَجِّ زَائِدَةٌ لِأَنَّ نَوَى وَمَصْدَرَهُ مُتَعَدِّيَانِ

(وَالطَّوَافُ لِلْإِفَاضَةِ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (فَرِيضَةٌ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شُرُوطِهِ.

(وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) لِلْحَجِّ وَكَذَلِكَ لِلْعُمْرَةِ (فَرِيضَةٌ) لِأَنَّهُ مِنْ أَرْكَانِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَالسَّعْيَ وَالطَّوَافَ أَرْكَانٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، إلَّا أَنَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ لَا يُقَالُ لَهُ طَوَافُ إفَاضَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ طَوَافُ إفَاضَةٍ إلَّا مَا وَقَعَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ النُّزُولِ مِنْ عَرَفَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: ١٩٨] إلَخْ وَأَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَمُخْتَصٌّ بِالْحَجِّ فَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ وَالْعُمْرَةُ ثَلَاثٌ، وَزَمَنُ سَعْيِ الْحَجِّ قَبْلَ عَرَفَةَ إنْ طَافَ لِلْقُدُومِ بِأَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَلَمْ يُرَاهِقْ وَلَمْ يُرْدِفْ بِالْحَرَمِ وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ. (وَالطَّوَافُ الْمُتَّصِلُ) أَيْ السَّعْيُ (بِهِ) أَيْ بِالطَّوَافِ لِأَنَّ صِحَّةَ السَّعْيِ بِتَقْدِيمِ طَوَافٍ (وَاجِبٍ) يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَوَجَبَ كَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَلَمْ يُرَاهِقْ وَلَمْ يُرْدِفْ يُحْرِمْ، وَلَكِنَّهُ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفَرْضِ لِانْجِبَارِهِ بِالدَّمِ دُونَ الْفَرْضِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالرُّكْنِ وَلِذَلِكَ قَالَ: (وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ آكَدُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّوَافِ السَّابِقِ عَلَى السَّعْيِ قُبَيْلَ عَرَفَةَ وَهُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ لِانْجِبَارِهِ بِالدَّمِ، دُونَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ: الْوَاجِبُ وَالْفَرْضُ مُتَرَادِفَانِ وَيَسْتَوِيَانِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الْحَجِّ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ أَخَفُّ مِنْ الْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ انْجِبَارُ الْوَاجِبِ بِالدَّمِ دُونَ الْفَرْضِ وَإِنْ تَرَتَّبَ الْإِثْمُ عَلَى تَرْكِ كُلٍّ.

(وَالطَّوَافُ لِلْوَدَاعِ) وَهُوَ الَّذِي يُفْعَلُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَجِّ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَلَوْ لِلْجُحْفَةِ (سُنَّةٌ) خَفِيفَةٌ، وَقَالَ خَلِيلٌ: إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَإِنَّهُ قَالَ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَنْدُوبِ، وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لَكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ أَوْ لِحَاجَةٍ، وَأَمَّا الْخَارِجُ لِنَحْوِ التَّنْعِيمِ فَلَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ الْإِقَامَةَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي خَرَجَ إلَيْهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى طَلَبِهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافُ» وَلَا دَمَ عَلَى تَارِكِهِ كَسَائِرِ الْمَنْدُوبَاتِ وَالْمَسْنُونَاتِ الَّتِي لَمْ يُشْهَرَ وُجُوبُهَا، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تَوْدِيعٌ بِالْبَيْتِ وَيَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ طَوَافَ الْحَجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: رُكْنٌ وَوَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ الْأَوَّلُ: طَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَالثَّانِي: الْقُدُومُ، وَالثَّالِث: الْوَدَاعُ وَمَا عَدَّا ذَلِكَ تَطَوُّعٌ.

(وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ) التَّاسِعِ وَهُوَ (يَوْمُ عَرَفَةَ سُنَّةٌ) وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ خَلِيلٌ النَّدْبُ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا دَمَ فِي تَرْكِهِ.

(وَالْجَمْعُ) بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ (بِعَرَفَةَ) جَمْعُ تَقْدِيمٍ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ جَمْعُ تَأْخِيرٍ (وَاجِبٌ) أَيْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِ.

(وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) بَعْدَ الْغُرُوبِ سَاعَةً لَيْلَةِ النَّحْرِ (فَرِيضَةٌ) يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِهِ، وَأَمَّا الْوُقُوفُ بِهِ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ فَوَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَهُوَ أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْحَجِّ مِنْ جِهَةِ فَوَاتِ الْحَجِّ بِفَوَاتِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَالْأَفْضَلُ فِي صِفَةِ الْوُقُوفِ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ لِيَتَقَوَّى عَلَى الدُّعَاءِ لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ حَدِيثِ: «لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ مَسَاطِبَ» وَيَكُونُ فِي وُقُوفِهِ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ وَقْتُ غُفْرَانِ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ.

(وَمَبِيتُ) لَيْلَةِ (الْمُزْدَلِفَةِ) بِهَا (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ خَلِيلٌ الِاسْتِحْبَابَ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ النُّزُولُ بِهَا بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ وَيَلْزَمُ بِتَرْكِهِ الدَّمُ.

(وَوُقُوفُ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى قُرْبِ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلذِّكْرِ (مَأْمُورٌ بِهِ) عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨] وَهُوَ مَحَلٌّ قَرِيبٌ مِنْ مِنًى.

(وَرَمْيُ الْجِمَارِ) مُطْلَقًا (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ الْوُجُوبُ يُلْزِمُ الدَّمَ وَلَوْ بِتَرْكِ حَصَاةٍ، وَقَوْلِي مُطْلَقًا لِيَشْمَلَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَغَيْرَهَا، وَقَوْلُ خَلِيلٍ: بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَرَمْيِهِ الْعَقَبَةِ حِينَ وُصُولِهِ، فَالنَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى الرَّمْيِ حِينَ الْوُصُولِ، وَأَمَّا فِي نَفْسِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. (وَكَذَلِكَ الْحِلَاقُ) فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالتَّقْصِيرُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ، وَاَلَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>