لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ.
وَالصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً،
وَالصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذًّا أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ التَّضْعِيفِ بِذَلِكَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ،
ــ
[الفواكه الدواني]
مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ الْوُجُوبُ لِلُّزُومِ الدَّمِ لِمَنْ تَرَكَهُ جُمْلَةً وَأَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ فَإِنَّهُ قَالَ بِالْعَطْفِ عَلَى مَا فِيهِ الدَّمُ: كَتَأْخِيرِهِ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ أَوْ الْإِفَاضَةِ لِلْمُحْرِمِ وَرَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ أَوْ الْجَمِيعِ لِلَيْلٍ.
قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ وَتَأْخِيرُ رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْ الْعَقَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا فِيهِ دَمٌ، وَكَذَلِكَ تَأْخِيرُ حَصَاةِ جَمْرَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ الْجِمَارِ الْجَمِيعِ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ لِلَّيْلِ وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ، وَأَوْلَى فِي وُجُوبِ الدَّمِ لَوْ فَاتَ الْوَقْتَانِ.
(وَتَقْبِيلُ الرُّكْنِ) وَهُوَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ مِنْ الطَّوَافِ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) وَأَمَّا تَقْبِيلُهُ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَوْطٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ فَمُسْتَحَبٌّ.
قَالَ خَلِيلٌ فِي بَيَانِ سُنَنِ الطَّوَافِ: وَلِلطَّوَافِ الْمَشْيُ بِأَنْ قَالَ: وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ أَوَّلَهُ.
قَالَ شُرَّاحُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ الْأَوَّلِ فَمُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَقْبِيلِهِ بِفَمِهِ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَضَعْهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَيَمَسَّهُ بِعُودٍ ثُمَّ يَضَعْهُ عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ، فَإِنْ عَجَزَ كَبَّرَ وَمَضَى، وَمِثْلُ الْحَجَرِ فِي السُّنِّيَّةِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ فَإِنَّهُ يُسَنُّ اسْتِلَامُهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالْيَمَانِيُّ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ اسْتِلَامُهُ لَا تَقْبِيلُهُ.
(وَالْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ سُنَّةٌ) وَصِفَتُهُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ فِي طَلَبِ اتِّصَالِهِ بِالْإِحْرَامِ وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِ، وَيُطْلَبُ حَتَّى مِنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَيَتَدَلَّكُ فِيهِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.
(وَالرُّكُوعُ) أَيْ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ (عِنْدَ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ) وَالْفَرْضُ مُجْزِئٌ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْإِحْرَامِ.
(وَغُسْلُ) الْمُحْرِمِ عِنْدَ إرَادَةِ الْوُقُوفِ فِي (عَرَفَةَ سُنَّةٌ) وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْوُقُوفِ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالزَّوَالِ، فَلَا يَصِحُّ فِعْلُهُ قَبْلَهُ وَيُفْعَلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَيُطْلَبُ مِنْ كُلِّ مَرِيدٍ الْوُقُوفَ وَلَوْ الْحَائِضَ، وَلَكِنْ لَا يَتَدَلَّكُ فِيهِ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ شُرَّاحُ خَلِيلٍ أَنَّ الْغُسْلَ لِلْوُقُوفِ مُسْتَحَبٌّ.
(وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِدُخُولِهَا أَوْ فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَبِيتَ خَارِجَهَا، وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ بِطُوًى إنْ مَرَّ بِهَا، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْغُسْلُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِطَوَافٍ لَمْ يُطْلَبْ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الطَّوَافُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ حَائِضٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ اغْتِسَالَاتِ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ السُّنَّةُ مِنْهَا غُسْلُ الْإِحْرَامِ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَا عَدَاهُ مُسْتَحَبٌّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْحَطَّابُ.
(وَ) فِعْلُ (الصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ (فِي الْجَمَاعَةِ) وَهِيَ مَا قَابَلَ الْفَذَّ فَيَصْدُقُ بِالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) وَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، فَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ كَانَتْ لَهُ دَرَجَةٌ، وَمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ ثَمَانٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً أَوْ سِتٌّ وَعِشْرُونَ، لِأَنَّ السَّبْعَ أَوْ الْخَمْسَ وَالْعِشْرِينَ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَصْلِ، وَمَعْنَى الْجُزْءِ وَالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ لِجَوَازِ كَوْنِ الْجُزْءِ الْأَكْبَرِ مِنْ الدَّرَجَةِ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَخْبَرَ بِالْكَثِيرِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ إيضَاحُهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ لَا يَحْصُلُ بِإِدْرَاكِ أَقَلِّ مِنْ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَفْرُوضَةِ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَفْضَلَ فِيهَا الِانْفِرَادُ إلَّا التَّرَاوِيحَ.
(وَالصَّلَاةُ) الْمَفْرُوضَةُ (فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وَهُوَ مَسْجِدُ مَكَّةَ (وَ) كَذَا الصَّلَاةُ فِي (مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَهُوَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَكَذَا مَسْجِدُ إيلْيَاءَ وَهِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لِأَنَّهُ يَلِي الْأَوَّلَيْنِ فِي الْفَضْلِ، وَيَلِي تِلْكَ الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ مَسْجِدُ قُبَاءَ حَالَةَ كَوْنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَذْكُورَةِ. (فَذًّا أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (الْمَسَاجِدِ) وَسَكَتَ كَغَيْرِهِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَوْ يَتَعَيَّنُ عَدَمَ التَّفَاضُلِ مِنْ حَيْثُ الْبِقَاعُ فَالصَّلَاةُ فِي نَحْوِ الْأَزْهَرِ كَالصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ فَيُمْكِنُ التَّفَاضُلُ فِي الثَّوَابِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ عَلَى غَيْرِهَا، أَنَّ مَنْ صَلَّى فَذًّا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَسَاجِدِهَا لَا فَذًّا وَلَا جَمَاعَةً لِمَا عَرَفَتْ مِنْ أَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا فَذَّا فَيُعِيدُ فِيهَا وَلَوْ فَذًّا، وَأَمَّا الْمُصَلِّي فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً فَإِنَّمَا يُعِيدُ فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ وَقِيلَ وَفَذًّا، وَقَوْلُنَا فِي غَيْرِ مَسَاجِدِهَا لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ صَلَّى فِي بَعْضِهَا ثُمَّ دَخَلَ الْبَعْضَ الْآخَرَ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ صَلَّى فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ، ثُمَّ دَخَلَ غَيْرَهُ مِنْ نَدْبِ إعَادَةِ الْفَذِّ فِي الْجَمَاعَةِ فَقَطْ لَا إنْ صَلَّى جَمَاعَةً، فَلَا يُعِيدُ فِي غَيْرِ مَا صَلَّى فِيهِ وَلَوْ مَعَ جَمَاعَةٍ أَفْضَلَ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهَا، وَقَيَّدْنَا بِالْمَفْرُوضَةِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي غَيْرِ الْفَرَائِضِ الْفِعْلُ فِي الْبُيُوتِ إلَّا لِلْغَرِيبِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ فِعْلُ النَّوَافِلِ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ صَلَاةَ الْفَرَائِضِ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِيمَا سِوَاهَا، شَرَعَ فِي بَيَانِ تَفَاضُلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ: (وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ التَّضْعِيفِ) أَيْ الزِّيَادَةِ (بِذَلِكَ) التَّفْصِيلِ (بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي بَيَانِ فَضْلِ أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ جَمِيعُ شُرَّاحِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بَيَانُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ الْبَلَدَيْنِ، وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ إمَامُنَا مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ أَنَّ