. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الفواكه الدواني]
عُمُرِك قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ؟ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يَنْبَغِي لَك يَا أَخِي إذَا خَرَجَ مِنْك نَفَسٌ أَنْ تُخَوِّفَ نَفْسَك بِقَوْلِك لَهَا: لَا أَدْرِي هَلْ يَخْرُجُ بَعْدَهُ نَفَسٌ أَوْ هُوَ آخِرُ الْأَنْفَاسِ. وَالتَّفَكُّرُ فِي قُرْبِ الْأَجَلِ يُقَلِّلُ الْأَمَلَ وَيُعِينُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي الْعَمَلِ، وَطُولُ الْأَمَلِ يُقْسِي الْقَلْبَ وَيُضْعِفُ الْعَمَلَ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَغْتَرَّ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ قُوَّةٍ، لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى مَا ذُكِرَ قَادِرٌ عَلَى سَلْبِهِ وَإِنْزَالِ ضِدِّهِ، فَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْعَاقِلِ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ وَمُلَابَسَةُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ رَجَاءَ أَنْ يَمُوتَ عَلَى السَّعَادَةِ وَهِيَ الْمَوْتُ عَلَى الْإِيمَانِ، وَمَنْ لَا فِكْرَةَ عِنْدَهُ قَدْ يَأْتِيه الْمَوْتُ سُرْعَةً وَهُوَ مُطِيعٌ لِهَوَاهُ فَيَنْدَمُ حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُ النَّدَمُ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْآدَابَ فِي هَذَا الْبَابِ حَثًّا لِلطَّالِبِ عَلَى التَّخَلُّقِ بِهَا، لِأَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهَا صَارَ مِنْ أَكَابِرِ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ جَرَّدُوا قُلُوبَهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَاسْتَحْقَرُوا جَمِيعَ مَا سِوَاهُ، وَفَّقَنَا اللَّهُ وَمَنْ نُحِبُّ لِلْعَمَلِ بِمَا فِي كِتَابِهِ، لِأَنَّ الْعَامِلَ بِمَا فِيهِ يَكُونُ مُتَّبِعًا لِسُنَّةِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَرَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَدْعُ شَيْئًا مِمَّا يُطْلَبُ مِنْ الْمُكَلَّفِ فِعْلُهُ إلَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِظَاهِرِ الْمُكَلَّفِ وَبَاطِنِهِ، شَرَعَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَحْسِينِ ظَاهِرِهِ وَهُوَ تَرْتِيبٌ حَسَنٌ لِأَنَّ تَحْسِينَ الْبَاطِنِ أَوْكَدُ مِنْ تَحْسِينِ الظَّاهِرِ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute