للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِبْهِهِ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُلْهِيَةِ إلَّا الدُّفَّ فِي النِّكَاحِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْكَبَرِ،

وَلَا يَخْلُو رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ مِنْهُ بِمُحْرِمٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرَاهَا لِعُذْرٍ مِنْ شَهَادَةٍ عَلَيْهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ إذَا خَطَبَهَا وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ فَلَهُ أَنْ يَرَى وَجْهَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَيُنْهَى

ــ

[الفواكه الدواني]

أَوْ) مَا فِيهِ (لَهْوٌ مِنْ مِزْمَارٍ وَعُودٍ أَوْ شَبَهِهِ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُلْهِيَةِ إلَّا الدُّفَّ) بِضَمِّ الدَّالِ أَوْ فَتْحِهَا وَهُوَ الْمُغَشَّى مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُعْرَفُ بِالطَّارِّ وَيُقَالُ لَهُ الْغِرْبَالُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا حُضُورُهُ لِجَوَازِهِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. (فِي النِّكَاحِ) وَإِبَاحَةِ ضَرْبِهِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا صَرَاصِرُ أَوْ جَلَاجِلُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ. لِلَّهِ دَرُّ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ فِي الْإِطْلَاقِ الْمَعْرُوفِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ وَبَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ جَوَازِ ضَرْبِهِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ كَالْخِتَانِ وَالْوِلَادَةِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ فَرَحٍ لِلْمُسْلِمِينَ. (وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي) جَوَازِ ضَرْبِ (الْكَبَرِ) بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ الْمُجَلَّدُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْمِزْهَرُ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَقْوَالٍ، الْجَوَازُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَالْكَرَاهَةُ فِيهِمَا، وَالْجَوَازُ فِي الْكَبَرِ وَكَرَاهَةُ الْمِزْهَرِ، وَأَجَازَ ابْنُ كِنَانَةَ الزَّمَّارَةَ وَالْبُوقَ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُلْهِي كُلَّ اللَّهْوِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ لَا الْغِرْبَالِ وَلَوْ لِرَجُلٍ وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ، ابْنُ كِنَانَةَ: وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ، وَقَيَّدْنَا الْمَرْأَةَ بِالشَّابَّةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُتَجَالَّةِ الَّتِي لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا، فَهَذِهِ تَخْرُجُ وَلَوْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَبِمَنْ لَا يُخْشَى مِنْهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الَّتِي يُخْشَى الِافْتِتَانُ بِهَا لِنَجَابَتِهَا فَهَذِهِ لَا تَخْرُجُ أَصْلًا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّسَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: شَابَّةٌ غَيْرُ مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا فَهَذِهِ لَا تَخْرُجُ إلَّا لِصَلَاةِ الْفَرْضِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ لِجِنَازَةِ مَنْ تَتَأَثَّرُ بِمَوْتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَمُتَجَالَّةٌ لَا رَغْبَةَ لِلرِّجَالِ فِيهَا وَهَذِهِ تَخْرُجُ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَشَابَّةٌ يُخْشَى الِافْتِتَانُ بِهَا فَهَذِهِ لَا تَخْرُجُ أَصْلًا، وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الشَّابَّةِ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا بِالْخُرُوجِ لِنَحْوِ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَوْ شَرَطَ لَهَا فِي صُلْبِ عَقْدِهَا وَحَيْثُ سَاغَ خُرُوجُهَا، فَلَا تَخْرُجُ إلَّا فِي زَمَنِ أَمْنٍ مِنْ الرِّجَالِ، فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ فِي وَقْتٍ يُخْشَى عَلَيْهَا فِيهِ، وَلَا تَخْرُجُ إلَّا فِي ثِيَابِ الزِّينَةِ، وَلَا تَمْشِي إلَّا بَعِيدَةً عَنْ الرِّجَالِ، وَأَنْ لَا تَتَطَيَّبَ وَأَنْ تُبَالِغَ فِي السَّتْرِ لِمَا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ كَذِرَاعِهَا أَوْ سَاقِهَا لَا كَفَّيْهَا وَلَا وَجْهِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ جَمِيلَةً أَوْ يَكْثُرَ الْفَسَادُ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.

(وَلَا) يَجُوزُ أَنْ (يَخْلُوَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ) وَلَا زَوْجَةٍ بَلْ أَجْنَبِيَّةٍ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَكُونُ ثَالِثُهُمَا يُوَسْوِسُ لَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ بِفِعْلِ مَا لَا يَحِلُّ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَخْلُو رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا يُسَلِّطُ عَلَيْهِمَا وَيَسْتَوْجِبَانِ الْعُقُوبَةَ وَلَوْ ادَّعَيَا الزَّوْجِيَّةَ إلَّا أَنْ يُثْبِتَاهَا أَوْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ» . وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ جَوَازُ الْخَلْوَةِ بِذَاتِ الْمَحْرَمِ وَلَوْ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثِ تَنَاوُلُ الرَّجُلِ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالشَّيْخِ وَالشَّابِّ وَالْمَرْأَةِ لِلشَّابَّةِ وَالْمُتَجَالَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا فِي السِّنِّ، لِأَنَّ الشَّيْخَ يَمِيلُ لِلشَّيْخَةِ خِلَافًا لِلشَّاذِلِيِّ فِي تَقْيِيدِهِ الْمَرْأَةَ بِالشَّابَّةِ وَالرَّجُلَ بِالشَّابِّ، فَأَجَازَ خَلْوَةَ الشَّيْخِ الْهَرَمِ بِالْمَرْأَةِ شَابَّةً أَوْ مُتَجَالَّةً، وَخَلْوَةَ الشَّابِّ بِالْمُتَجَالَّةِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ خَلْوَةُ الْمَرْأَةِ بِعَبْدِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلِعَبْدٍ بِلَا شِرْكٍ وَمُكَاتَبٍ وَغْدَيْنِ نَظَرُ شَعْرِ السَّيِّدَةِ وَبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا الَّتِي يَنْظُرُهَا مَحْرَمُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا، وَأَمَّا عَبْدُ زَوْجِهَا فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ: أَنْ يَكُونَ خَصِيًّا وَأَنْ يَكُونَ قَبِيحَ الْمَنْظَرِ، وَأَقُولُ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا بِالْمَرْأَةِ الْمَشْهُورَةِ بِالدِّينِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَمِيلُ الْمَرْأَةُ لِلنَّصْرَانِيِّ الْخَادِمِ فِي أَسْفَلِ الدَّارِ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ جَوَازُ خَلْوَةِ الْمَرْأَةِ بِمِثْلِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَائِقَةً فِي الْجَمَالِ، وَكَذَا خَلْوَةُ الذَّكَرِ بِالذَّكَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا شَابًّا تَمِيلُ إلَيْهِ النُّفُوسُ وَأُخْرَى لَوْ كَانَا شَابَّيْنِ مَشْهُورَيْنِ بِالْجَمَالِ بِحَيْثُ يُتَوَقَّع مَيْلُ أَحَدِهِمَا إلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الْفَاسِدِ، وَلَمَّا كَانَتْ حُرْمَةُ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ غَيْرِ الْمُتَجَالَّةِ مُقَيَّدَةً بِحَالِ الِاخْتِيَارِ قَالَ: (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرَاهَا) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ غَيْرَ الْمُتَجَالَّةِ (لِعُذْرٍ مِنْ شَهَادَةٍ عَلَيْهَا) أَوْ لَهَا حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ لِلشَّاهِدَيْنِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ. (أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ عُذْرِ الشَّهَادَةِ كَعُذْرِ الطِّبِّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلطَّبِيبِ النَّظَرُ إلَى مَحَلِّ الْمَرَضِ إذَا كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوْ الْيَدَيْنِ قِيلَ وَلَوْ بِفَرْجِهَا لِلدَّوَاءِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْقَابِلَةِ نَظَرُ الْفَرْجِ.

قَالَ التَّتَّائِيُّ: وَلِي فِيهِ وَقْفَةٌ إذْ الْقَابِلَةُ أُنْثَى وَهِيَ يَجُوزُ لَهَا نَظَرُ فَرْجِ الْأُنْثَى إذَا رَضِيَتْ لِأَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى رُؤْيَةِ فَرْجِهَا، وَلَوْ زَوْجَةٌ ادَّعَى زَوْجُهَا عَيْبًا بِفَرْجِهَا وَادَّعَتْ عَدَمَهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي نَفْيِهِ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ.

(وَ) أَيْ وَكَذَا لَا بَأْسَ بِرُؤْيَتِهَا (إذَا خَطَبَهَا) رَجُلٌ لِنَفْسِهِ قَالَ خَلِيلٌ: وَنُدِبَ نَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمِهَا وَيُكْرَهُ اسْتِغْفَالُهَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ لِرُؤْيَةِ الشَّاهِدِ وَالطَّبِيبِ وَالْخَاطِبِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِخَلْوَةٍ بِالْمَرْأَةِ وَإِلَّا حَرُمَتْ، وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِرُؤْيَةِ الْأَجْنَبِيِّ لِغَيْرِ الْمُتَجَالَّةِ. (وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ) وَهِيَ الْعَجُوزُ الْفَانِيَةُ (فَلَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (أَنْ يَرَى وَجْهَهَا) وَكَفَّيْهَا (عَلَى كُلِّ حَالٍ) وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِلْأَمْنِ مِمَّا يَحْصُلُ بِرُؤْيَةِ الشَّابَّةِ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرِيدُ الرُّؤْيَةِ لِلْمُتَجَالَّةِ مِثْلَهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ جَوَازُ رُؤْيَتِهِ لَهَا بِالْعُذْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّابَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>