للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِسَبَبٍ مُعَيَّنٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ قَضَاءِ الْقَاضِي فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ وَقَدْ مَرَّتْ فِي النِّكَاحِ

بِمَا (إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِسَبَبٍ مُعَيَّنٍ) لِلْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي النِّكَاحِ الْمُعَنْوَنَةُ بِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ بِغَيْرِ عِلْمِ الْقَاضِي نَافِذٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَاطِنًا خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ وَبَاقِي الْأَئِمَّةِ.

وَمِنْ الْمِثْلِ: ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَهِيَ جَاحِدَةٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةَ زُورٍ فَقَضَى بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا حَلَّ لِلْمُدَّعِي وَطْؤُهَا وَلَهَا التَّمْكِينُ خِلَافًا لَهُمْ، وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ نِكَاحًا عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَجْحَدُهُ، وَمِنْهَا قَضَى بِبَيْعِ أَمَةٍ بِشَهَادَةِ زُورٍ بِأَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ أَوْ أَنَّك اشْتَرَيْتهَا حَلَّ لِلْمُنْكِرِ وَطْؤُهَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ الزُّورُ وَقَضَى بِهَا، وَكَذَا فِي الْفُسُوخِ بِالْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ. وَفِي الْهِبَةِ رِوَايَتَانِ.

وَمِنْهَا ادَّعَتْ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يُنْكِرُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةَ زُورٍ فَقَضَى بِالْفُرْقَةِ فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ عَلِمَ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَلَا يَحِلُّ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ إذَا كَانَ عَالِمًا بِكَذِبِ الشُّهُودِ. وَمِنْ صُوَرِ التَّحْرِيمِ: صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ سُبِيَا فَكَبِرَا وَأُعْتِقَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَجَاءَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا وَلَدَاهُ قَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِالْفُرْقَةِ، فَإِنْ رَجَعَ الشُّهُودُ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ شُهُودُ زُورٍ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا عِنْدَهُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحُرْمَةِ نَفَذَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا. وَمُحَمَّدٌ فِي هَذَا الْفَرْعِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ كَذِبِ الشُّهُودِ، وَأَجْمَعُوا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ عَنْ تَعْيِينِ سَبَبِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَاطِنًا، وَالْوَجْهُ فِي الْأَصْلِ.

وَالْفَرْقُ تَقَدَّمَ قُبَيْلَ بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكِفَّاءِ، وَمِنْ الْأَوْجُهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَمْرِ الزَّوْجِ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَبِأَمْرِ اللَّهِ أَوْلَى، وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِذَلِكَ مِنْهُ جَلَّ وَعَلَا، وَأَمَّا الِاسْتِشْهَادُ بِتَفْرِيقِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَنْفُذُ بَاطِنًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ثُمَّ أَنْكَرَ وَحَلَفَ فَقَضَى لَهُ بِهَا لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا، وَأَنَّ الشُّهُودَ لَوْ ظَهَرُوا عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا أَوْ مَحْدُودِينَ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا. وَفِيهَا رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَنَوَى وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيَّةً فَقَضَى الْقَاضِي بِأَنَّهَا ثَلَاثًا أَخْذًا بِقَوْلِ عَلِيٍّ نَفَذَ الْقَضَاءُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مُجْتَهِدًا يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَقْضِيًّا لَهُ يَتْبَعُ أَشَدَّ الْأَمْرَيْنِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَإِنْ اسْتَفْتَى فَمَا أَفْتَاهُ بِهِ الْمُفْتِي صَارَ كَالثَّابِتِ بِالِاجْتِهَادِ عِنْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>