ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام، فلما ولّى ناداه عمه أبو طالب، فأقبل عليه وقال: اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا، وأنشد:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتى أوسّد في التّراب دفينا
وهكذا أخفق الإغراء والإرهاب في تعويق الدعوة، وأدركت قريش أن ما تصبوا إليه بعيد المنال، فعادت سيرتها الأولى، تصبّ جام غضبها على المؤمنين، وتبذل اخر ما في وسعها للتنكيل بهم، ومحاولة فتنهم عن دينهم.
وحزن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للماسي التي تقع لأصحابه، وهو عاجز عن كفّها، فأوعز إلى من قلّ نصيره، ونبا به المقام في مكة أن يهجرها إلى الحبشة، وكان ذلك لخمس سنين من مبعثه، أو بعد سنتين من جهره بالبلاغ.
- الشمس ... » ما نصه: «والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بعثت به من أن يشعل أحدكم من هذه الشمس شعلة من نار» ، وفيه عقب هذا: فقال أبو طالب: والله ما كذب ابن أخي قط، ارجعوا راشدين. قال الهيثمي في (المجمع: ٦/ ١٥) : «رواه أبو يعلى باختصار يسير من أوله، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح» .