إلا أنّ هذا التفكير تزلزل إثر ما عرفت قريش أنّ المسلمين عبّؤوا قواهم، وخرجوا يستأنفون القتال.
وحار المشركون في أمرهم: أيعودون لحرب لا يأمنون مغبتها، وربما أفقدتهم ثمار النصر الذي أحرزوه؟ أم يمضون- لتوهم- إلى مكة؟ وفي هذه الحال يتحسن مركز المسلمين، وتخفّ مرارة الهزيمة التي لحقتهم.
وقد رأى أبو سفيان أن يغنم الأوبة الرابحة، وأن يبعث إلى المسلمين من يقذف بالرعب في قلوبهم، ويخبرهم أن قريشا عادت لاستئصال شأفتهم بعد أن تبيّن لها خطؤها في تركهم.
وعسكر المسلمون ب (حمراء الأسد) ثم جاءهم دسيس أبي سفيان يغريهم بالعودة إلى يثرب نجاة بأنفسهم من كرّة المشركين عليهم، وهم لا يقدرون على ملاقاتهم!.
بيد أنّ المسلمين قبلوا التحدّي، وظلوا في معسكرهم يوقدون النار طيلة ثلاث ليال، في انتظار قريش التي ترجّح لديها أنّ النجاة بنفسها أولى، فعادت إلى مكة، وعاد المسلمون إلى المدينة ليدخلوها مرة أخرى، أرفع رؤوسا، وأعزّ جانبا.
وفي هذه المظاهرة الناجحة، وفيمن اشتركوا فيها على ألم الجراح وإرهاق التعب، وفي ثباتهم على التثبيط واطمئنانهم إلى جانب الله، نزلت الايات الكريمة: