للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[[قصة الرجيع] :]

وأصل قصّة الرّجيع هذه، أن وفدا من قبائل عضل والقارة، قدم على رسول الله يذكر أنّ أنباء الإسلام وصلت إليهم، وأنهم يحتاجون إلى رجال يعلمونهم الدين، ويقرئونهم القران، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم معهم رهطا من الدعاة يرأسهم عاصم بن ثابت، فانطلق الجميع حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة قريبا من مياه هذيل شعر الدعاة بأنّ أصحابهم غدروا بهم، واستصرخوا هذيلا عليهم.

وفزع الدعاة إلى أسلحتهم يقاتلون الغادرين ومن أعانهم من قبيلة هذيل، وماذا يجدي قتال نفر يعدّون على الأصابع لنحو مئة من الرماة وراءهم قومهم يشدّون أزرهم؟ لذلك لم يلبث عاصم وصحبه أن قتلوا.

واستسلم للأسر منهم ثلاثة نفر: خبيب، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، فاسترقهم الهذليون وخرجوا بهم إلى مكة ليبيعوهم بها، ومعنى بيعهم بمكة تسليمهم للقتلة المتربصين؛ فإن أولئك النفر من الرجال الذي قاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر وأحد، ولأهل مكة لديهم ترات، يودّون الاشتفاء منها، وقد حاول عبد الله الإفلات من هذا المصير فقتل، وأما (خبيب) و (زيد) فأخذهما رجال قريش ليقتلوهما، أخذا بثأرهم القديم.

فأما زيد فابتاعه صفوان بن أمية؛ ليقتله بأبيه، ولما خرجوا به من الحرم، اجتمع حوله رهط من قريش- فيهم أبو سفيان بن حرب- فقال له أبو سفيان حين قدّم ليقتل-: أنشدك بالله يا زيد أتحب أنّ محمدا الان عندنا مكانك تضرب عنقه، وأنّك في أهلك؟ فقال: والله ما أحبّ أنّ محمدا الان في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالس في أهلي.

فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحبّ أحدا كحبّ أصحاب محمّد محمدا. ثم قتل زيد.

وأما خبيب فقد اشتراه عقبة بن الحارث، ليقتله بأبيه، فلما خرجوا بخبيب من الحرم ليصلبوه قال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا، قالوا: دونك فاركع. فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم فقال:

أما والله لولا أن تظنّوا أنّي إنما طوّلت جزعا من القتل لاستكثرت من الصّلاة، فكان خبيب أول من سنّ هاتين الركعتين عند القتل ثم رفعوه على خشبة.

<<  <   >  >>