للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ويحكما! من أمركما بهذا؟» قالا: أمرنا ربّنا!! يعنيان كسرى..

إن تأليه الملوك ضلال قديم، وبعد أن انتشر الإسلام ذهبت حقيقة التأليه، ثم عادت الان اثاره وخصائصه، فالملك يلقّب صاحب جلالة، ولا يسأل عمّا يفعل، ويبطل شرائع الله ليقيم شرائع الهوى، ويمتد هو وبطانته لتنكمش أمامهما أمته.

ولما سمع النبيّ عليه الصلاة والسلام كلام الرجلين أمرهما أن يعودوا من حيث أتيا إلى والي اليمن، وقال: «أخبروه أنّ ربّي قد قتل ربّه الليلة» . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم قبلهما بمصرع كسرى.

وقد وقع الإسلام في قلب والي اليمن ورجاله بعد هذه القصة، وانتشر انتشارا عظيما في الجنوب بين الطائفتين جميعا من نصارى ومجوس.

[ردّ أمير البحرين] :

وأرسل النبيّ عليه الصلاة والسلام إلى أمير البحرين كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام، ونبذ المجوسية، حمله إليه العلاء بن الحضرميّ «١» وكان (المنذر بن ساوى) أمير البحرين رشيدا موفقا، فرحّب بالدعوة، وانشرح صدره لقبولها.

وقد أبلغ العلاء في ترغيبه وإبراز محاسن الإسلام له:

فمما قاله: «.. يا منذر! إنّك عظيم العقل في الدنيا، فلا تصغرنّ عن الاخرة، إنّ هذه المجوسية شرّ دين.. ليس فيها تكرّم العرب، ولا علم أهل الكتاب، ينكحون ما يستحيى من نكاحه، ويأكلون ما يتنزّه عن أكله، ويعبدون في الدنيا نارا تأكلهم يوم القيامة ... ولست بعديم عقل ولا رأي، فانظر: هل ينبغي لمن لا يكذب في الدنيا ألّا نصدقه؟ ولمن لا يخون ألّا نأمنه؟ ولمن لا يخلف ألّا نثق به؟.


- وابن سعد في (الطبقات) : ١/ ٢/ ١٤٧، عن عبيد الله بن عبد الله مرسلا أيضا، وسنده صحيح؛ ووصله ابن بشران في الأمالي من حديث أبي هريرة بسند واه، وفيه من الطرق الثلاث زيادة كان يحسن إيرادها، وهي: «لكنّي أمرني ربّي عز وجلّ أن أعفي لحيتي، وأن أحفي شاربي» .
(١) رواه الواقدي في اخر كتاب (الردة) بسنده، عن أبي حنتمة كما في (نصب الراية) للزيلعي: ٤/ ٤١٩- ٤٢٠.

<<  <   >  >>