للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بلادها» «١» !.

واستمع المسلمون لأمر نبيّهم، فمضوا يعبّئون قواهم للّقاء المنتظر، وهم مدركون أنّ الساعة الفاصلة مع أهل مكة قد دنت.

[[إنه شهد بدرا..] :]

ووقع في هذه الفترة الدقيقة حادث مستغرب؛ فإنّ رجلا من أهل السابقة في جهاد المشركين تطوّع بإرسال كتاب إلى قريش يخبرهم فيه أن محمدا صلى الله عليه وسلم سائر إليهم بجيشه.

وقد رأيت أنّ المسلمين حراص على إخفاء خطة الغزو، أليس مما يقرّب نجاحهم ويخفف خسائرهم؟ ولعلّه يدفع قريشا إلى التسليم دون أن تسفك الدماء عبثا.

وما معنى الكتابة إليهم إلا التحريض على حرب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والاستكثار من أسباب المقاومة؟.

عن علي بن أبي طالب: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال:

«انطلقوا حتّى تأتوا روضة (خاخ) ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها» .

فانطلقنا تعادى بنا خيلنا، حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة. فقلنا: أخرجي الكتاب. فقالت: ما معي! فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثياب! فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكّة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله. فقال: «يا حاطب، ما هذا؟!» فقال: يا رسول الله! لا تعجل عليّ، إنّي كنت امرأ ملصقا في قريش- كنت حليفا لها، ولم أكن من صميمها- وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم- أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنّه قد صدقكم» ! فقال عمر: يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق! فقال: «إنه شهد بدرا، وما يدريك؟ .. لعلّ الله


(١) ضعيف، رواه ابن إسحاق بدون إسناد، ومعناه في حديث ميمونة المخرّج انفا.

<<  <   >  >>