للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حلف الفضول]

أما (حلف الفضول) فهو دلالة على أنّ الحياة مهما اسودّت صحائفها، وكلحت شرورها، فلن تخلو من نفوس تهزّها معاني النبل، وتستجيشها إلى النجدة والبر.

ففي الجاهلية الغافلة نهض بعض الرجال من أولي الخير، وتواثقوا بينهم على إقرار العدالة وحرب المظالم، وتجديد ما اندرس من هذه الفضائل في أرض الحرم!.

قال ابن الأثير «١» : « ... ثم إن قبائل من قريش تداعت إلى ذلك الحلف، فتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسنه، وكانوا بني هاشم، وبني المطلب، وبني أسد بن عبد العزّى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة، فتحالفوا وتعاقدوا ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها، أو من غيرهم من سائر الناس؛ إلا قاموا معه؛ وكانوا على من ظلمه، حتى تردّ مظلمته، فسمّت قريش ذلك الحلف (حلف الفضول) فشهده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال- حين أرسله الله تعالى-: «لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان؛ ما أحبّ أن لي به حمر النّعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت» » «٢» .

إنّ بريق الفرح- بهذا الحلف- يظهر في ثنايا الكلمات التي عبّر بها


(١) هو عز الدين علي بن محمد بن الأثير الجزري، صاحب (الكامل في التاريخ) ، توفي سنة (٦٣٠ هـ) . انظر: الأعلام. (ن) .
(٢) رواه ابن إسحاق في السيرة كما في ابن هشام: ١/ ٩٢، من الطبعة الجمالية، قال محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي: إنه سمع طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره، قلت: وهذا سند صحيح لولا أنه مرسل، ولكن له شواهد تقوّيه، فرواه الحميدي بإسناد اخر مرسلا أيضا، كما في (البداية) : ٢/ ٢٩؛ وأخرجه الإمام أحمد، رقم (١٦٥٥، ١٦٧٦) من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا دون قوله: «ولو دعيت به في الإسلام لأجبت» ، وسنده صحيح.

<<  <   >  >>