للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّ كلمات الأذان تمثّل العناوين البارزة لرسالة كبيرة في الإصلاح، ولذلك جاء في السنن الثابتة أنّ المسلم عند ما يسمعها يقول:

«اللهمّ ربّ هذه الدعوة التامّة، والصلاة القائمة، ات سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنّك لا تخلف الميعاد» «١» .

[[ذكريات الشهداء] :]

وفي يوم الفتح قد ترجع بنا الذكريات إلى رجال لم يشهدوا هذا النصر المبين، ولم يسمعوا صوت بلال يرنّ فوق ظهر الكعبة بشعار التوحيد، ولم يروا الأصنام مكبوبة على وجوهها مسوّاة بالرغام، ولم يروا عبّادها الأقدمين، وقد ألقوا السلم واتجهوا إلى الإسلام.

إنهم قتلوا أو ماتوا إبّان المعركة الطويلة التي نشبت بين الإيمان والكفر.

ولكنّ النصر الذي يجني الأحياء ثماره اليوم لهم فيه نصيب كبير، وجزاؤهم عليه مكفول عند من لا يظلم مثقال ذرة.

إنه ليس من الضروري أن يشهد كلّ جندي النتائج الأخيرة للكفاح بين الحق والباطل، فقد يخترمه الأجل في المراحل الأولى منه، وقد يصرع في هزيمة عارضة كما وقع لسيد الشهداء (حمزة) ومن معه.

والقران الكريم ينبّه أصحاب الحق إلى أنّ المعوّل في الحساب الكامل على الدار الاخرة، لا على الدار الدنيا، فهناك الجزاء الأوفى للمؤمنين والكافرين جميعا:

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧) [غافر] .

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في رمضان، وظلّ بها سائر الشهر يقصر، ويفطر أكثر من خمسة عشر يوما، وكان قد خرج من المدينة صائما، ثم أفطر هو وصحبه في الطريق «٢» .


(١) حديث صحيح، أخرجه البخاري في (صحيحه) ، وفي (أفعال العباد) ؛ وأصحاب السنن الأربعة؛ والطبراني في (الصغير) ؛ وابن السني في (عمل اليوم والليلة) ؛ وأحمد والبيهقي من حديث جابر مرفوعا به؛ دون قوله: «إنك لا تخلف الميعاد» ، فتفرد بها البيهقي، وهي شاذة لا تصح.
(٢) أما قصره صلى الله عليه وسلم في مكة فثابت في البخاري: ٨/ ١٧، عن ابن عباس قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم-

<<  <   >  >>