للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سلامة الفطرة:]

وفي ليلة الإسراء والمعراج تأكّدت الصفة الأولى لهذا الدين، وهي أنه دين الفطرة.

ففي الحديث: «.. ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن، فأخذت اللبن فقال: هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك» «١» .

إنّ سلامة الفطرة لبّ الإسلام، ويستحيل أن تفتح أبواب السماء لرجل فاسد السريرة، عليل القلب، إنّ الفطرة الرديئة كالعين الحمئة، لا تسيل إلا قذرا وسوادا.

ربّما أخفي هذا السواد الكرية وراء ألوان زاهية، ومظاهر مزوّقة، بيد أنّ ما ينطلي على الناس، لا يخدع به ربّ الناس ... !!.

ويوم تكون العبادات- نفسها- ستارا لفطرة فاسدة، فإنّ هذه العبادات الخبيثة، تعتبر أنزل رتبة من المعاصي الفاجرة.

والناس كلّما تقدّمت بهم الحضارات، أمعنوا في التكلّف والمصانعة، وقيّدوا أنفسهم بعبادات وتقاليد قاسية.

وأكثر هذه التكلّفات حجب تطمس وهج الفطرة «٢» ، وتعكّر نقاوتها وطلاقتها.

وليس أبغض إلى الله من أن تفترى هذه القيود باسم الدين، وأن تترك النفوس في سجونها مغلولة كئيبة.

[فرض الصلاة:]

وفي المعراج شرعت الصلوات الخمس، شرعت في السماء؛ لتكون معراجا يرقى بالناس كلّما تدلّت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا.

والصلوات التي شرع الله غير الصلوات التي يؤدّيها- الان- كثير من الناس.


(١) حديث صحيح، وهو قطعة من حديث صعصعة بن مالك الطويل في الإسراء، وقد مضى تخريجه (ص ٦٥) ، ورواه ابن حبان في صحيحه أيضا، ص ١٩٢- ١٩٨، وأخرجه ثلاثتهم من حديث أبي هريرة أيضا.
(٢) انظر: خلق المسلم، ص ٧، الطبعة الثالثة عشرة، دار القلم- دمشق. والإسلام والمناهج الاشتراكية، للمؤلف.

<<  <   >  >>