للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢) [الحشر] .

ثم فضح القران مسلك منافقي المدينة، الذين حاولوا إعانة يهود في غدرها وحربها، وحرّضوها على مقاتلة المسلمين بما وعدوها من أمداد وعتاد فقال:

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١٢) [الحشر] .

وبهذا النصر الذي أحرزه المسلمون دون تضحيات، توطد سلطانهم في المدينة، وتخاذل المنافقون عن الجهر بكيدهم، وأمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتفرّغ لقمع الأعراب الذين اذوا المسلمين بعد أحد وتواثبوا على بعوث الدعاة يقتلون رجالها في نذلة وكفران.

[[الثأر لأصحاب الرجيع وبئر معونة] :]

وتأديبا لأولئك الغادرين خرج النبيّ عليه الصلاة والسلام يجوس فيافي نجد، ويطلب ثأر أصحابه الذين قتلوا في (الرجيع) و (بئر معونة) ، ويلقي بذور الخوف في أفئدة أولئك البدو القساة، حتى لا يعاودوا مناكرهم التي ارتكبوها مع المسلمين.

وقام النبي صلى الله عليه وسلم- تحقيقا لهذا الغرض- بغزوات شتى، أرهبت القبائل المغيرة، وخلطت بمشاعرها الرعب ... فأضحى الأعراب الذين مردوا على النهب والسطو لا يسمعون بمقدم المسلمين إلا حذروا، وتمنّعوا في رؤوس الجبال بعد ما قطعوا الطرق على الدعوة ردحا من الزمن، وفي مقدمة هؤلاء: بنو لحيان، وبنو محارب، وبنو ثعلبة من غطفان.

فلمّا خضد المسلمون شوكتهم، وكفكفوا شرّهم، أخذوا يتجهّزون لملاقاة عدوهم الأكبر، فقد استدار العام وحضر الموعد المضروب مع قريش.

وحقّ لمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبه أن يخرجوا ليواجهوا أبا سفيان وقومه، وأن يديروا رحى الحرب كرة أخرى، حتى يستقرّ الأمر لأهدى الفريقين وأجدرهما بالبقاء.

<<  <   >  >>