للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بيعة العقبة الأولى]

وقد لقيهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعقبة، وعقد معهم بيعة على الإيمان بالله واحده، والاستمساك بفضائل الأعمال، والبعد عن مناكرها.

عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى: «أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف» .

قال: «فإن وفّيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم «١» من ذلك شيئا، فأخذتم بحدّه في الدنيا فهو كفارة له، وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة، فأمركم إلى الله؛ إن شاء عذّب، وإن شاء غفر» «٢» .

هذا ما كان محمد صلى الله عليه وسلم يدعو إليه، وكانت الجاهلية تنكره عليه.

أيكره هذه العهود إلا مجرم يحبّ للناس الريبة، ويودّ للأرض الفساد؟!.

أتمّ وفد الأنصار هذه البيعة، ثم قفل عائدا إلى (يثرب) ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أنّ يبعث معهم أحد الثقات من رجاله، ليتعهّد نماء الإسلام في المدينة، ويقرأ على أهلها القران، ويفقههم في الدين، ووقع اختياره على (مصعب بن عمير) رضي الله عنه «٣» ليكون هذا المعلّم الأمين.

ونجح مصعب رضي الله عنه أيّما نجاح في نشر الإسلام، وجمع الناس عليه، واستطاع أن يتخطّى الصعاب التي توجد- دائما- في طريق كل نازح غريب، يحاول أن ينقل الناس من مورثات ألفوها إلى نظام جديد، يشمل الحاضر والمستقبل، ويعم الإيمان والعمل، والخلق والسلوك ...


(١) ارتكبتم.
(٢) حديث صحيح، أخرجه البخاري: ١/ ٥٤- ٥٨؛ ومسلم: ٥/ ١٣٧.
(٣) انظر حياته بالتفصيل في كتاب (مصعب بن عمير، الداعية المجاهد) للأستاذ محمد حسن بريغش، وهو من سلسلة أعلام المسلمين التي تصدرها دار القلم- دمشق. (ن) .

<<  <   >  >>