للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مكاتبة الملوك والأمراء]

كان الفرس يحتلون أجزاء كبيرة من جنوب الجزيرة، وكان الرومان يحتلون أجزاء أخرى من شمالها، وقد انتشرت ديانة المحتلّين في الأقاليم التي أخضعوها لنفوذهم، ومن العبث إرجاع هذا الانتشار للحرية العقلية المحضة، وعلى أية حال فإنّ المجوسية سادت الأقاليم التابعة لفارس، والنصرانية سادت الأقاليم التابعة للرومان، وكان أمراء هذه الأقاليم يعيّنون من قبل الدول الحاكمة، وينصاعون لأوامرها.

وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل بكتبه إلى رؤساء الدول الكبرى، وإلى أمراء الولايات المحتلة على سواء، يدعوهم إلى الله، ويعرض عليهم الإسلام.

روى مسلم عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي- وهو غير الذي صلّى عليه- وإلى كل جبّار؛ يدعوهم إلى الله عز وجلّ.

[[كتابه إلى قيصر ملك الروم] :]

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم (دحية بن خليفة) بكتابه إلى قيصر الروم، وليس الوصول إلى قيصر بدعوة غريبة على مسامعه أمرا سهلا، فكيف وهي- في نظر الرومان- من أعرابي ساذج ينتمي إلى قوم تحت سلطانهم!!.

وتقديرا لهذه الأوضاع اختار النبي صلى الله عليه وسلم لتلك المهمة من يقوم بها إيمانا واحتسابا غير مبال بعواقبها عليه ولا نتائجها عند من يدعوه.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ينطلق بصحيفتي هذه إلى قيصر، وله الجنّة؟» فقال رجل: وإن لم يقبل؟ قال: «وإن لم يقبل!» فأخذ دحية الكتاب، وسافر به إلى أرض الروم، فوافق هرقل وهو مقبل على بيت المقدس، يزوره عقب انتصاره على الفرس قربى إلى الله.

وتناول قيصر الكتاب، فقرأ فيه: «بسم الله الرّحمن الرّحيم. من محمّد

<<  <   >  >>