للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خاتمة]

لم تمض أيام معدودات على وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى اشتبك الإسلام في صراع رهيب مع الوثنية، التي عاودتها الحياة فجأة، والصليبية الرابضة في شمال الجزيرة تمنع الدخول في الإسلام، وتحبط دعايته بالقوة.

ولم تشهد الصحراء في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مثيلا لهذه المعارك الطاحنة؛ فقد اتسعت ميادينها، وتتابعت أمدادها، وفدحت مغارمها، وكثرت ضحاياها.

إلا أنّ الرجال الذين ربّاهم محمد صلى الله عليه وسلم على معرفة الحق والفناء فيه، صدقوا الله في عملهم، ونهضوا كأعتى الأبطال بالأثقال الباهظة التي رموا بها.

ضربوا الوثنية في الجزيرة ضربة كسرت فقارها، واعتصرت روحها، فهمدت إلى الأبد. وردوا الرومان عن الحدود التي تمردوا بها وتجبروا فيها. ثم عادوا إلى المدينة لا ليستجمّوا، بل لينتشروا خلال المعمور من أرض الله يومئذ في نظام رتيب، وبوحي شريعة محكمة.

وما هي إلا سنوات قلائل حتى كان الإسلام ملء البر والبحر، ملء السمع والبصر.

والان وقد مرت قرون أربعة عشر على هذه الحقبة الزاهرة؛ إن الإسلام بعد مجد كبير- لا يحكم أمته، فضلا عن أن يوجّه العالم إلى بر يذكر أو خير يشكر.

والأديان الاخرى تعيش على هامش الحياة؛ فالحضارات القائمة أو المتربصة لا تمكّن الدين من زمامها.

والوثنية في الهند، وفي الشرق الأقصى، وفي بقاع أخرى: لا تزال تظلل الجوانب الداكنة من حياة العامة ومسالك الجماهير.

واليهودية تنحاز بأبنائها جانبا لتغرس في قلوبهم الحقد على البشر، والنفاذ من خلل الصفوف المتناحرة بأكبر غنم لإسرائيل.

<<  <   >  >>